اللحظات الحرجة والدقيقة

اللحظات الحرجة والدقيقة!

اللحظات الحرجة والدقيقة!

 العرب اليوم -

اللحظات الحرجة والدقيقة

بقلم : عبد المنعم سعيد

 

في حياة الأمم والشعوب هناك لحظات دقيقة وحرجة يكون فيها تصادم الأقدار واقعاً، واحتمالات المستقبل مظلمة، في حين الحاضر ملتبس يصعب فيه التقدير، ومختلط يعز فيه التمييز. ما جرى منذ «طوفان الأقصى» حتى الآن وضع المنطقة العربية في لحظة اختبار عندما انفجر الصراع المزمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعندما تحوَّل القتال من كونه ثنائياً إلى إقليمي بين إيران وإسرائيل، وعندما بات دولياً لم تبخل الولايات المتحدة على إسرائيل في عهد الرئيس السابق جو بايدن؛ ووضعت الزيت على نار حطب مشتعل عندما جاء الرئيس ترمب باقتراح تهجير الفلسطينيين في غزة إلى كل من مصر والأردن.

المشهد العربي بات في أحسن أوقاته، مولداً نوعاً من «العروبة الجديدة» التي تأخذ أولاً القدرة على رد الاقتراح الأميركي بآخر عربي مضاد، فيه كيفية تعمير غزة من دون خروج أهلها؛ وثانياً بات مشروعاً عربياً للسلام الشامل والدائم بين العرب والإسرائيليين. لم يعد العرب ينتظرون من أميركا لا حلّاً ولا مغامرة ولا صفقة عقارية. فهل يستطيع الجيل الحالي من الحكام العرب، والمفكرين العرب، الخروج من المأزق الأبدي لصراع مستحكم؟

الإجابة هي نعم؛ وفي حين يستمر الموقف العربي من قضية التهجير حازماً، فإنه في الوقت نفسه يدبر لطرح البديل. اثنان من الباحثين العرب -كاتب السطور (القاهرة) والدكتور خليل شقاقي (رام الله) عالم السياسة ورائد استطلاعات الرأي العام- مع شريك ثالث، الدكتور شاي فيلدمان، المدير السابق، عالم السياسة الكبير (بوسطن وتل أبيب)، عكفوا خلال الخريف الماضي على البحث عن طريق للسلام، وتحقيق حل الدولتين. النتيجة جاءت في «كتيب» صغير (105 صفحات) تحت عنوان «العرب والإسرائيليون من 7 أكتوبر إلى صنع السلام». الثلاثة سبق لهم تأليف كتاب شامل للصراع التاريخي منذ نشأته وحتى ما قبل الجولة الراهنة من الصراع للتدريس في الجامعات بعنوان «العرب والإسرائيليون: الصراع وصنع السلام». واستناداً إلى هذا العمل، وانطلاقاً من الدرس التاريخي، فإن الكوارث الكبرى تفتح الطريق في بعض الأحيان لمستقبل أفضل، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الحرب العالمية الثانية، لكنها أفضت إلى تأسيس الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وتهدئة اليابان، ثم إنشاء الاتحاد الأوروبي، وعلى نحو مماثل، أدَّت حرب فيتنام، التي اجتاحت لاوس وكمبوديا في أواخر الستينات، إلى فترة من السلام، وتأسيس رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي تضم أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.

فهل يُمكن أن تتحول أهوال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والحرب التي تلتها إلى مستقبل أفضل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين؟ الدراسة تناولت هذه الإمكانية من خلال استعراض ما أدَّى إلى هجوم السابع من أكتوبر، والحرب التي تلته، وكيف يمكن أن يبدو السلام بين فلسطين وإسرائيل، كما تم استكشاف وشرح العوائق التي تحول دون تحقيق مثل هذا السلام، وكيف يمكن التغلب على مثل هذه العوائق؟ نقطة البدء في الإجابة هي أنه أولاً، لا يمكن للصراع الحالي بين إسرائيل و«حماس» أن ينتهي بطريقة مستقرة ودائمة إلا في سياق أوسع من الحل الشامل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وثانياً أن عوامل كثيرة، محلية وخارجية، حددت مصير الفشل لمحاولات السلام السابقة؛ ومن ثم، فإن الدراسة تُركز على تحديد العوائق المحتملة التي قد تحول دون تحقيق السلام وحلها. وثالثاً أنه على الرغم من أهوال الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر، والحرب التي تلته، وهي التي أدَّت إلى تصلب وجهات نظر الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن أعداداً كبيرة أعربت بحلول نهاية العام الأول من العنف عن رغبة قوية في التوصل إلى تسوية، من شأنها أن تمنع كارثة أعظم، مثل حرب إقليمية. ورابعاً، بالتوازي مع المسارات السلبية التي أدَّت إلى أحداث السابع من أكتوبر، شهدت السنوات الخمس والعشرون الماضية أيضاً تطورات إيجابية مهمة في الشرق الأوسط، تجعل السلام بين فلسطين وإسرائيل ممكناً. وأخيراً، ففي حين أن دعم القوى الخارجية يُشكل ضرورة لتحويل الحرب الحالية إلى مسار نحو السلام، فلا بديل للاتصال المباشر بين الطرفين للتغلب على الجهل، وعدم التعاطف الذي يواصل العرب والإسرائيليون إظهاره بعضهم تجاه بعض.

arabstoday

GMT 08:37 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

و... ضفتاه

GMT 08:34 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

فَزّاعات في عقول موهومة

GMT 08:28 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

..ورواتب الموظفين والمتقاعدين!!

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

ترامب.. وسياسة العلاج بالصدمات

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

البابا فرنسيس ومظاهرة حب عالمية

GMT 08:18 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

تقرير عن محمد صلاح

GMT 08:16 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

صورة على شاطئ أوستيا

GMT 08:13 2025 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

‫‬أسئلة مهمة أمام قمة القاهرة‬

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللحظات الحرجة والدقيقة اللحظات الحرجة والدقيقة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab