فض أسرار المسألة الكهربائية

فض أسرار المسألة الكهربائية!

فض أسرار المسألة الكهربائية!

 العرب اليوم -

فض أسرار المسألة الكهربائية

بقلم: عبد المنعم سعيد

قبل فترة قصيرة، وبالتحديد فى ١٦ يونيو ٢٠٢٤ نشرت عمودا فى «الأهرام» الغراء بعنوان «بناء أحلامك»، استعرته من اسم السيارة الصينية الكهربائية (BYD) أو Building Your Dreams؛ وكان جوهره المقارنة بين العربة الصينية وتلك الأمريكية «تسلا» والتى كانت لصالح الأولى وأكثر من ذلك على التقدم الجارى فى الدولة الصينية وتفوقها تكنولوجيا وصناعيا. السيارتان تمثلان فتحا جديدا فى عالم السيارات الذى بات أكثر سحرا؛ عندما تمتطى السيارة فلا صوت فيها لموتور ولا مروحة؛ سريعة مثل الريح وفاتنة مثل زهرة. هكذا كتبت كتابة من لا يملك شراء لهذه ولا تلك؛ وفقط من باب المقارنة والمنافسة بين القوتين العظميين فى العالم. لم أكن أعرف وقتها أن مصر تدخل بقوة إلى عالم السيارات الكهربائية، وجاء من نافذتين: واحدة من المهندس «نجيب ساويرس» الذى أعلن أنه بصدد حل مشكلة «التوك توك» فى مصر من خلال تحول صناعى يقوم على الانتقال من استخدام البترول إلى الكهرباء. فى حدود المعلومات المتاحة فإن عدد سيارات التوك توك هو ٢٤٣ ألفا و٦٦١ على مستوى الجمهورية حتى شهر يونيو ٢٠٢٠. أربع سنوات بعد ذلك على الأرجح خلقت زيادة ملموسة لا بد من أخذها فى الحسبان. النافذة الأخرى جاءت من السيدة «بولا منير» إلى وكالة الأنباء الصينية أن السوق المصرية تشهد نموا ملحوظا فى عدد السيارات الكهربائية وهى ليست فقط من نوعية «بناء الأحلام» ولكن شركة «جييلى» أنتجت السيارة «زييكر» وهناك ثالثة «نيو أو NIO» حيث تقدم الصناعة الصينية أنواعا تحظى بالشعبية.

ولكن قصتنا الكهربائية ليست متعلقة بالسيارات فقط، ولكنها تشمل كل أنواع الحياة وفى مقدمتها أجهزة تكييف الهواء. ولهذه كتبت مقالا أيضا فى صحيفة الأهرام الغراء قبل أربعة عشر عاما تحت عنوان «٢٠ مليون جهاز تكييف» بتاريخ ٢١ أغسطس ٢٠١٠. وقتها كان يجرى فى مصر انقطاعات متتالية فى الكهرباء؛ وكان طبيعيا بعدها أن يحدث خلل كبير وانقطاع فى المياه أيضا عن مواقع متفرقة فى العاصمة وخارجها لأن محطات المياه هى الأخرى تعمل بالطاقة الكهربائية. كان تبرير ما حدث يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة التى بلغت أعلى معدلاتها منذ بدء تسجيلها فى عام ١٨٨٠ والإسراف من جانب المواطنين، خاصة مع انتشار أجهزة التكييف التى ارتفعت من ١٦٥ ألف جهاز فى عام ١٩٩٦ إلى ٧٠٠ ألف جهاز فى ٢٠٠٦ ثم قفزت إلى ثلاثة ملايين جهاز فى ٢٠٠٩. ومن ضمن الأسباب التى ذكرت نقص كميات الغاز الطبيعى المورد من وزارة البترول إلى محطات توليد الكهرباء؛ وعدم وجود فترات زمنية كافية لصيانة المحطات؛ ووقتها صرح د. حسن يونس وزير الكهرباء وقتها أن «أعطال الكهرباء كالأمراض لا يمكن منعها».

وقتها لخصت الحقيقة التى لا بد من التعامل معها وهى أن «درجة الحرارة فى مصر سوف تستمر فى الارتفاع، ومن عاش فى مصر خلال العقود الستة الماضية سوف يشعر بارتفاع درجة الحرارة حتى لم يعد الشتاء شتاء، واختفى الربيع بالفعل كواحد من فصول السنة المصرية، ولا أدرى شخصيا كيف ستعرف الأجيال القادمة معنى الأغانى التى عشناها عن الربيع الذى عاد مرة أخرى، والزهور التى كانت من قسمات قصص حب وقصائد شعراء فاض بهم الشوق مع انتهاء برد الشتاء. ولكن الحقيقة التى لا يمكن تجاهلها، والعلماء فى المنظمات الدولية وخارجها يقولون لنا إن الدنيا سوف تمر بحالة من الاحتباس الحرارى ترفع درجة حرارة الأرض، وتحول ثلج القطب الشمالى إلى ماء، وفى كل الأحوال لن تكون درجة الحرارة عند الأربعين أو ما بعدها أمرا مفاجئا فى مصر».
الحقيقة الثانية هى أن استهلاك المصريين من الكهرباء سوف يتزايد لأننا ببساطة، وهذه أخبار جيدة، نتقدم عاما بعد آخر. وبالعودة إلى ملفاتى وهى متأخرة عن الواقع، وجدت نتائج بحث الدخل والإنفاق لعام ٢٠١٧/٢٠١٨ وأجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ذكر أن ٩٦.٥٪ من الأسر يمتلكون ثلاجة، و٩٥.٧٪ يمتلكون تليفزيونا ملونا، وقرابة ٧٨٪ غسالة كهربائية عادية أو «أوتوماتيكية»، و١٢.٢٪ من الأسر لديهم جهاز تكييف. عدد المصريين الآن بلغ ١٢٠ مليونا، شاملا المهاجرين، فإن الرقم الذى تخيلته قبل أربعة عشر عاما- ٢٠ مليون جهاز تكييف- ليس بعيدا عن التحقيق؛ ولعله أكثر من ذلك لأن هناك عمارات كاملة مركزية التكييف، والوزارات والهيئات الحكومية الرئيسية كذلك، ولمن لا يعرف فإن عمارة واحدة فى شارع الجيزة عندما أقيمت خلال السبعينيات أصبحت تستهلك ما يوازى استهلاك «الجمهورية العربية المتحدة»– وكان ذلك هو اسم مصر وقتها- كلها فى عام ١٩٦٠. ضِف إلى ذلك قائمة طويلة من الفنادق، و«المولات» التجارية التى تنتشر فى ربوع مصر، وهناك حرص كبير ومشروع من محلات «السوبر ماركت» ومحلات الحلاقة على أن تكون مكيفة.

كل ذلك دليل على التقدم الذى كان والجارى الآن فى مصر بصورة أوسع وأسرع، ولكن التقدم، وهذا هو الوجه الآخر من الصورة، يحتاج الكثير من الكهرباء والطاقة؛ فما أسهل أن يكون لدينا مجتمع فقير محدود الدخل لا يعرف لا السيارة ولا جهاز التكييف ولا الكمبيوتر ولا التليفون المحمول وجميعها تحتاج «واى فاى» وفى المجموع استهلاك الكهرباء. التعامل مع هذا الوضع يحتاج نوعا آخر من التفكير متعدد الأبعاد ألهمنى فيه صديق لبنانى ذكر أن بلاده لا تشهد إطلاقا أزمات كهربائية والسبب هو الجمع ما بين وسائل مختلفة من إنتاج الطاقة. أولها أن جميع ما بنى من سكن تعلوه ألواح إنتاج الطاقة الشمسية لكى تشكل بصورة جماعية ما يكفى لصعود وهبوط المصاعد وتشغيل المطابخ. وثانيها الطاقة الأحفورية المتداولة ولكنها أيضا بالتعاون بين الناس تشكل شبكة من توليد الكهرباء من خلال المولدات متعددة الحجم والطاقة وهذه تكفى تشغيل كل الآلات من السيارات إلى أجهزة التكييف. وثالثها أن محطات الدولة تعمل بأحمال تكفى ثلاث أو أربع ساعات يوميا وهذه تشكل احتياطا استراتيجيا إذا ما قصر أى من الوسائل سالفة الذكر حيث تختزن فى بطاريات مهيأة لذلك POWER BANK.

الحالة فى مصر تختلف عن الحالة اللبنانية، ولكنها من ناحية أخرى أكثر قدرة، ومفتاحها الأول الطاقة الشمسية التى تكفى «الكومباوندات» والأسواق التجارية بأشكالها المختلفة والتى تعمل فى كل أنحاء العالم حتى العاشرة مساء. قضيتنا التى نركز عليها هى تصنيع الخلايا الضوئية ووقتها يكون من حق المستهلك بيع الفائض الذى لديه؛ أما إذا استمرت فى الحاجة إلى الكهرباء الحكومية فإن زيادة الاستهلاك تعد من علامات تحسن الصحة العامة للمجتمع، وهو يعنى زيادة الطلب، وترجمته الفورية هى زيادة السعر، وساعتها سوف يغلق كل الناس أجهزة تكييفهم عندما لا يستعملونها، أما إذا فعلوا فمعنى ذلك زيادة موارد الحكومة لكى تزيد من استثمارات الكهرباء وتربح فى نفس الوقت لكى تنفق على مجالات أخرى.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فض أسرار المسألة الكهربائية فض أسرار المسألة الكهربائية



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab