الخطر والفرصة

الخطر والفرصة

الخطر والفرصة

 العرب اليوم -

الخطر والفرصة

بقلم - عبد المنعم سعيد

قيل إن الكلمة الصينية المعبرة عن «الأزمة» تحمل معنيين فى داخلها: الخطر والفرصة فى آن واحد؛ والفارق بينهما بالطبع هو كيف سيجرى التعامل مع الموقف سواء كان ذلك يخص الإنسان أو الدولة، فكما هو الحال فى كل الأحوال، فإن الأزمة هى حالة استثنائية تأتى على الأفراد أو الأمم، وأحيانًا تكون مفاجئة، وتنطوى على حالة من الفقدان لأيام مطمئنة تسرى فيها الأمور على حالها وفق ما جرى عليه العرف والعادة أو التخطيط أو الاستراتيجية الموضوعة مسبقًا.

الخطر هنا هو أولًا أن الواقع فى الأزمة قد ينسى حاضره أو قدراته أو يتصور أن ما جرى له لم يحدث له من قبل، أو أنه لا يحدث لأحد آخر. وثانيًا أنه قد لا يرى الفرصة أو الفرص الكامنة فى الموقف الذى يواجهه، والتى تبدأ من أن عبور الأزمة فيه الكثير من القدرات المضافة ماديًّا ومعنويًّا وفكريًّا، والتى تجعله ليس فقط قادرًا على مواجهة الأزمات المستقبلية، وإنما أكثر من ذلك انتقاله من حالة إلى أخرى أكثر تقدمًا سواء كان ذلك من حيث الغنى أو التقدم.

ولحسن الحظ أن هناك توافقًا كبيرًا فى مصر على أن هناك أزمة اقتصادية- تسبب الكثير من التضخم وارتفاع الأسعار- باتت تضغط على الدولة المصرية فى تعاملاتها الداخلية والخارجية. هل كان ممكنًا تلافى هذه الأزمة أو التقليل من آثارها السلبية أو أن السبب الخارجى، المتمثل فى الحرب الأوكرانية وتأثيراتها المباشرة على الغذاء والطاقة وسلاسل التوريد والسياحة وغيرها، فيه الكفاية؟.

الإجابة عن السؤال ينبغى أن يقع عاتقها على المحللين الاقتصاديين، والمؤرخين حينما يحين الحين. ما يهمنا فى هذه الفترة هو عبور الأزمة وحصد ما سوف تأتى به من فرص سوف يحاسبنا التاريخ إذا لم ننتهزها، ويجب ألّا يأخذنا وهن أن الأزمة تخص العالم كله، أو أن هناك دولًا أسوأ منّا حالًا، أو أنه حتى الدول العظمى والكبرى والغنية قد أصابها جميعًا من الألم جانب زاد أو قل.

الثابت هو أن مصر قد مرت بأزمات كثيرة من قبل، وبالنسبة لجيلنا فإن حياتنا لم تتوقف فيها الأزمات، ومنذ عام ١٩٦٧ وأزمة الهزيمة العظمى، وحتى وصلنا إلى ثلاث سنوات من الثورة وحكم الإخوان، وحتى محاربة الإرهاب ومن بعدها مواجهة جائحة الكورونا؛ فإن الفصل الجديد من الأزمة الاقتصادية لن يكون استثناء من العبور بها وتجاوزها واستئناف المسيرة الوطنية قوية وعفية.

ولعل ما يعطينا الكثير من الاطمئنان هنا أولًا أن الوثيقة التى أعدها صندوق النقد الدولى للإصلاح لم تخرج كثيرًا عما كان متواترًا فى النقاشات والحوارات المصرية التى جرَت خلال الشهور الأخيرة؛ ولا تجاوزت أكثر من ذلك ما تحدثت عنه الدولة فى وثائق وتصريحات عن دور القطاع الخاص وإعادة التوازن بين دور الدول ودور المبادرات الخاصة فى المجتمع.

ما أضافته الأزمة فى سفورها هو الإلحاح والتأكيد على أن هناك مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادى باتت واجبة، وإلا فإن حكم الزمن سوف يكون قاسيًا، فالواقع أنه فى المعارك الاقتصادية يكون للزمن ثمن لا يقل أبدًا عن ذلك الذى يُدفع فى المعارك العسكرية، وإذا كان هذا الأخير يُدفع بالدم، فإن سابقه يُدفع بالاضطراب وإعاقة النمو وفرض عدم الثقة من الدوائر الداخلية والخارجية.

والثابت أيضًا أن مصر، حتى مع الآلام الشديدة، أكثر استعدادًا من أى وقت مضى للتعامل مع الأزمة الراهنة ليس فقط بما تم من إنجازات كبيرة وضعت أدوات مصر الرئيسية فى الزراعة والصناعة والبحث العلمى والتحديث العمرانى، وما بنَته من أصول هائلة؛ جاهزة لكى تتعامل مع إعادة التوازن للاقتصاد المصرى، فالحقيقة هى أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى وتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه بالسرعة الواجبة هو أولًا لا ينبع إلا من ثقة كبيرة فى أساسيات الاقتصاد المصرى وقدراته التى تزايدت خلال السنوات الأخيرة.

ولكن أكثر من ذلك ثانيًا يفتح الباب لأن يكون الاقتصاد المصرى جاذبًا للمساعدات والاستثمارات والأسواق الدولية لكى تسهم فى الخروج من الأزمة من ناحية والتحضير لمرحلة جديدة من الاقتصاد المصرى تختلف كثيرًا عن تلك التى مضت من حيث التفاعل المتصور ما بين ما تم بالفعل وما سوف يأتى. وإذا كان الهدف المصرى هو الوصول إلى «جمهورية جديدة» تنتمى إلى عالمها وعصرها وأكثر حداثة وتقدمًا، فإن هذا التفاعل سوف يحقق تلك الحالة من الذروة والنمو السريع، الذى تحقق فى هذه الحالات، التى لم تهرب أحيانًا من دواء مر أو علاج صعب.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطر والفرصة الخطر والفرصة



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 11:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6 درجات يضرب إسطنبول

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أنوشكا تتقدّم ببلاغ ضد شخص ينتحل شخصيتها

GMT 16:10 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كريم فهمي يفجّر مفاجأة عن ياسمين عبد العزيز

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أحمد فهمي يكشف الاختلاف بينه وبين شقيقه كريم

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab