المناظرة الأممية في الرياض

المناظرة الأممية في الرياض

المناظرة الأممية في الرياض

 العرب اليوم -

المناظرة الأممية في الرياض

بقلم: عبد المنعم سعيد

باتت العاصمة السعودية الرياض مكاناً للبحث عن حكمة الزمان الذي نعيش فيه. وبعد الدهشة الأولية التي تنتاب المرء ساعة مغادرة مطار المدينة والمضي في شوارعها بعد المقارنة بآخر المشاهدات قبل أقل من عام، ظهر التحول منيراً وهائلاً خلال فترة قصيرة من مدينة تسعى إلى التغيير، إلى المدينة وقد تغيرت لابسة رداء المدن الجديدة في العالم وفي المنطقة. وسط هذا التحول الذي يجعل التغيير ممكناً نحو عالم جديد في دولة كان ذلك فيها مستحيلاً قبل عقد من الزمان، فإن مثل ذلك يبدو عصياً عندما يدور الكلام حول تغيير أفكار العالم. لم يكن ممكناً للمجتمعين في فندق «الفيصلية» أن يتصورا عالماً غير ذلك الذي جاءوا منه مثالياً يحترم الإنسانية وقواعد القانون الدولي والحكم الرشيد. الحدث جرى بدعوة كريمة من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحت الرعاية الأمينة للأمير تركي الفيصل، وبالمشاركة مع مؤسستين دوليتين مرموقتين للبحث فيما يجري في العالم والشرق الأوسط والاقتصاد الدولي والتكنولوجيا العالمية. والحضور في أغلبهم كانوا أبناءً مخلصين لذلك العالم الذي وُلد بعد نهاية الحرب الباردة، وولّد خيالاً ديمقراطياً وليبرالياً تكون فيه سيادة القانون والأعراف المتفائلة التي قال عنها فرنسيس فوكوياما سوف تكون نهاية التاريخ. جاء كثيرون منهم من الدول التي نتجت عن انهيار الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا في أوروبا الشرقية ووسط آسيا. هي دول خرجت من تحت اليد الغليظة للدب الروسي، وورثت عنه ميراثاً يكفي لانقسام تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين - التشيك والسلوفاك - وينتج عنه مآسي الأقليات العابرة للقوميات، وتخطيط الحدود ما بين دول جديدة.

من هذه البيئة الحاضرة جاء رؤساء جمهوريات ووزارات ووزراء خارجية سابقون ولاحقون عاشوا لحظات الميلاد الأولى في العقدين الأخير من القرن العشرين والأول من القرن الحادي والعشرين أحلامها وأمانيها. مع العقد الثالث في القرن الأخير تغير العالم بما لم يكن متخيلاً ليس فقط مع انتخاب أمثال ترمب في واشنطن وأوروبا، أو الخروج الأميركي من أفغانستان والشرق الأوسط ثم العودة الثقيلة للأخيرة، أو حتى الغزو الروسي لأوكرانيا بعد ضم أجزاء منها سابقاً، وهو ما حدث بنفس الصيغة في جورجيا؛ وإنما أكثر من ذلك أن أفكار الميلاد تبخرت وحتى فوكوياما نفسه اعتذر عن طروحته في إطار أن صمويل هنتنغتون كان الأكثر حكمة عندما كتب عن صراع الحضارات. هذا الأخير وضع الإطار الفكري للصراع الدولي بين الحضارة الغربية الأوروبية التي جرى التأسيس لها بعد الحرب العالمية الثانية، والحضارات الأخرى في العالم التي راحت تتشبث بهويات قومية ودينية قديمة فكانت الحرب ضد الإرهاب حرباً عالمية. ولكن الواقع الجديد في العالم بات مفارقاً لكل ما سبق، وجرى مؤتمر الرياض تحت اليد الثقيلة للحرب الروسية - الأوكرانية حتى لو كانت غائمة انتظاراً لجولة جديدة من الحرب؛ واليد التي لا تقل ثقلاً لما بات معروفاً باسم حرب غزة الخامسة. لم يكن للقادمين من منطقة البلطيق والبلقان وآسيا الوسطى والشرق الأوسط أن يتخلصوا من وعثاء اللحظة إلا باستعادة اللحظات الأولى لعهد ما بعد انتهاء الحرب الباردة، والتمسك بمثاليات لحظة غابرة.

كان هناك ما يشجع على استعادة اللحظة عندما بات مطروحاً دور لمحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية في صراع الشرق الأوسط، وربما لم تتكرر عبارة «المعايير المزدوجة»، كما تكررت في العالم مثلما جرت خلال الشهور الأخيرة. أحياناً بدا الأمر كما لو كان وضعاً لصياغة أخلاقية لسلوكيات الدول، كما لو أن الدولة ما هي إلا طبعة أخرى للإنسان يمكن ضبطها بقوانين وأحكام جاءت من «الوصايا العشر» التي أنزلت على النبي موسى (عليه السلام) واضعاً قواعد لسلوك البشر تستوجب المكافأة والعقاب من الله عز وجل. الواقع الدولي مختلف، واستعادة أحكام معاهدة جنيف لمنع الإبادة الجماعية والتهجير القسري للفلسطينيين ومن قبلهم الأوكرانيين وأمثالهم في دول أخرى لا تبدو مجدية على الأقل للذين فاتهم قطار الحياة موتاً أو لجوءاً إلى دول أخرى. كان واضحاً تشبث الحضور بالقوانين، وثبات معايير السلوك والمطالبة بمنظمات دولية ذات فاعلية أكبر. الخطير في الأمر أن وجهة النظر الذائعة كانت أن ذلك في متناول اليد لإقامة عالم عادل لا توجد فيه القوة وأطماع الهيمنة والسيطرة، وتاريخ هائل من الأحقاد والكراهية المتراكمة والثارات التي لا تنتهي. ولكن كانت هناك في الظلمة شموع منها أن النساء المشاركات من المملكة عبّرن عن تغيير كبير في الحصافة والقدرة والذكاء جعل نصف المجتمع السعودي مشاركاً في نهضة حقيقية.

 

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المناظرة الأممية في الرياض المناظرة الأممية في الرياض



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab