بقلم - عبد المنعم سعيد
قبل عشرة أعوام كانت ليلة ٢٩ يونيو ٢٠١٣ يقظة حتى الصباح الموعود، السهد يكون متحديا للمؤكد من الوقائع، وما كان معلوما كان كافيا للعلم أن الصباح سوف يشهد يوما لن يكون له مثيل. وهو ما كان، فلم يعرف الزمن المصرى المعاصر مثل هذا الجمع الذى فاق كل الجموع التى جرت فى البعيد عام ١٩١٩، وحتى التى أتت الى القاهرة يوم وفاة عبدالناصر، وضعف ما كانت عليه يوم ٢٥ يناير ٢٠١١. لم تكن القضية العدد ولا شكل الميادين ولا نوعية الشعارات وإنما كمً من النضج بعد ثلاثين عاما من حكم رئيس واحد، وعام واحد من الفوضى المستمرة، وعام واحد من حكم الإخوان كان كافيا لتجربة حكم الجماعة. يوم الثلاثين من يونيو كان فاصلا بين عصرين، عصر الشعارات والحناجر، وعصر العمل وخرائط الطريق. قوة الجماهير أعطت الشرعية وقوة الدفع، وفى الثالث من يوليو كانت خريطة الطريق التى لم يفلح الثوريون أبدا فى وضعها، ولا علم أحد أن الفكرة مرت بعقل الإخوان، فقد كان كافيا لهم برنامج ٢٠٠٧ الذى يعيد صياغة مصر على الطريقة الإيرانية. ولا كانت هناك صدفة انه فى يوم ٢٦ يوليو خرجت جماهير لا تقل فى المعنى لمنح تفويض عودة النظام والأمن بفض اعتصام رابعة وتوابعه.
كان الإخوان قد بدأوا الاعتصام من ٢٠ يونيو، وعزموا على مدى ٥٤ يوما أن يعيدوا الساعة إلى الوراء، ولكنه كان زمنا آخر، فلم تعد الساعة وتقدمت بتثبيت أركان الدولة وبدء أكبر عملية للبناء والتعمير فى تاريخ البلاد الحديث. جرت عملية فرز بين الحقيقى والزائف، وثبت من لديهم الولاء للوطن وفر من كان لديهم أشخاصهم فقط، كانت مصر ولادة فخرج من قلب المؤسسة القضائية المستشار الجليل عدلى منصور، لكى يقود المرحلة الانتقالية ويسلم العلم لجيل جديد جاء من قلب جيش مصر لديه النية والقدرة على أن تكون مصر كما لم تكن من قبل.