بقلم - عبد المنعم سعيد
هناك أسباب كثيرة للسخط على الولايات المتحدة، ولكن ذلك لا يمنع كثيرين من البحث عن وسيلة للذهاب إليها، وهناك مبررات لذلك ربما أهمها الإثارة التى تتمتع بها فى كل شيء من الانتخابات إلى الجريمة؛ وحتى تاريخها القصير أصبح من كثرة الإنتاج الفكرى والفنى كما لو أنه جرى فى آلاف الأعوام. السينما الأمريكية رأس الرمح فى قوة الدولة «الناعمة» لا تكف عن إدهاشنا وفى اتجاهات متناقضة يظهر فى تحفتين من الفن السينمائى أولاهما تلك الدراما السياسية والعسكرية والإنسانية لفيلم أوبنهايمر الذى يعرض لشخصية من أهم الشخصيات المحورية فى القرن العشرين. الرجل الذى أنتج القنبلة الذرية التى ألقيت على هيروشيما وناجازاكى لكى تضع نهاية للحرب العالمية الثانية. وثانيتهما فيلم باربى المشتق عن تلك الشخصية المحورية فى لعب الأطفال متمثلة فى عروسة وردية صارت الآن بعد انتشارها على مدى عقود مليئة بالمرح و الموسيقى والحياة. المؤكد أنه لا يوجد تنسيق فى إنتاج الأفلام، فيكون واحدا من نوعية الدراما الثقيلة التى يتصارع داخل الشخصية تحولات تاريخية كبري؛ والآخر من نوعية أفلام الأسرة التى يذهب لها الأطفال حيث المرح والسعادة والانسجام.
قصة أوبنهايمر تقع فى نقطة مركزية من التاريخ باتت فاصلة بين ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها. انقلب العالم رأسا على عقب وكذلك بات حال اليهودى المهاجر والألمانى الغاضب وعالم الطبيعة الموهوب فى خلطة تاريخية تغير العالم. حدث ذلك مرتين: مرة عندما أنتج القنبلة وجرى استخدامها، ومرة عندما بات يكافح من أجل احتواء الخطر النووى على الإنسانية. ولكن دخول الحمام ليس مثل الخروج منه، فعندما يتبدل الحال لا يمكن أن تعود الأمور إلى أيامها الطيبة الأولي. أصبح السلاح النووى جزءا من الحرب الباردة عبر قرنين العشرين والحادى والعشرين، وسباق التسلح المخيف، وفى وقت تدور فيه الحرب الروسية الأوكرانية فإن منتجى الفيلم عرفوا اللحظة المثالية لعرضه.