فى انتظار الحرب الإقليمية

فى انتظار الحرب الإقليمية!

فى انتظار الحرب الإقليمية!

 العرب اليوم -

فى انتظار الحرب الإقليمية

بقلم : عبد المنعم سعيد

نوع جديد من الذعر بات شائعًا فى الشرق الأوسط، وفى العالم نتيجة لذلك؛ أن الحرب القائمة فى غزة الفلسطينية منذ ٧ أكتوبر الماضى سوف تتحول نحو الاتساع فتصير حربًا إقليمية تشمل أطرافًا مثل إيران؛ وحتى تركيا عبرت على لسان رئيسها طيب أردوغان أن بلاده التى تدخلت عسكريًّا فى سوريا واليمن، ومؤخرًا فى العراق، يمكنها التدخل أيضًا فى حرب غزة. والحقيقة هى أن إقليمية الحرب قائمة منذ بدايتها، فالأطراف التى وفرت نيرانها للحرب تدخلت منذ البداية، مثل حزب الله اللبنانى، وباقى التوابع الإيرانية فى اليمن والعراق وسوريا. ومن ناحيتها اعتبرت إسرائيل أن الحرب إقليمية منذ وقت طويل؛ فقد تدخلت بعمليات حربية فى سوريا والعراق، ولم تتوانَ عن القيام بحروب «الظل» داخل إيران نفسها. ولم تتأخر أطراف دولية مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية عن إرسال أساطيلها لدعم إسرائيل، فى البحرين المتوسط والأحمر، بينما أقمارها الصناعية تجوب المنطقة كلها على مدار الساعة. الحرب الإقليمية هكذا قائمة وذائعة، وأحيانًا تجرى فيها فصول للتوافق، كذلك الذى جرى فى إبريل الماضى عندما خرقت إسرائيل قواعد الضبط والربط فى القتال بقصف القنصلية الإيرانية فى دمشق، فتقصف معها جنرالًا إيرانيًّا وصحبه معه. كان ذلك فى نظر المرشد الإيرانى على خامنئى اعتداء على أرض إيرانية بحكم الشرائع الدولية؛ فكان الترتيب لكى تهاجم إيران إسرائيل بما قدره ٣٠٠ صاروخ ومسيرة؛ وكان الترتيب أن ترد إسرائيل بحيث تعلن إيران بعدها أن المواجهة هكذا وصلت إلى نهايتها. ما تعلمناه من ذلك أنه من الممكن أن تكون الحرب منضبطة؛ ولكن ما لم نتعلمه هو أن الانضباط ليس من خصائص الحرب الأصيلة، خاصة عندما تكون الأعصاب فائرة، والغرائز مشدودة، والكراهية وصلت إلى أقصى المدى متشبعة بآيات دينية. وتجلى ذلك عندما انطلق صاروخ من حزب الله إلى مرتفعات الجولان، فاستقر الانفجار فى ملعب كرة قدم، فأودى بحياة وأجساد اثنى عشر طفلًا من القرية الدرزية، التى لا تعرف ما إذا كان ولاؤها ساريًا لسوريا أو للجماعة الدرزية الإسرائيلية.

الحرب القائمة لا تعرف الاعوجاج، فإذا ما خرج طرف عن التوازن، فلابد للطرف الآخر أن يصحح ما اختل. الأصل هنا أن تكون هناك ضربة أو قصفة مقابلة، وهذا هو ما يجرى على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية منذ بداية الحرب، وما كان على إسرائيل إلا أن تفعل ذلك كما فعلت مرات من قبل. ولكن هذه المرة فإن إسرائيل عولت المراهنة على الأعصاب الإيرانية وتوابعها فى دول الميليشيات العربية، التى تقوم بأمر قرارات الحرب والسلام. وما كان من تجربة ٧ أكتوبر فى العام الماضى ووقعت إسرائيل ألعوبة فى الفخ الإيرانى لنسف محاولات السلام والاستقرار فى المنطقة، فقامت بمجازر غزة وتدميرها والدفع فى اتجاه «يوم تالٍ جديد» من تصميمها. الآن فإن القرار الإسرائيلى باغتيال رئيس حماس إسماعيل هنية، وفى طهران، ويوم تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد؛ وكذلك القائد العسكرى لحزب الله فؤاد شكر، فى ضربة مهينة، واحدة فى قلب طهران والثانية فى عقل ضاحية بيروت، المستعمرة الأثيرة لحزب الله.

حتى وقت كتابة هذه السطور، كان دور رد الفعل قد جاء إلى إيران وحزب الله؛ وهو ما لم يتعدَّ تصريحات التأكيد على الرد القاسى والموجع؛ والتهكم على المحاولات الكثيرة القادمة من أطراف عدة تطالب بضبط النفس والرد «المعقول». ما تتمناه إسرائيل أن يكون رد الفعل غير معقول إلى الدرجة التى تنتهز فيها إسرائيل الفرصة لكى تضرب كلا الطرفين الإيرانى واللبنانى بما هو غير متوقع، وفى قلبه تدمير المنشآت النووية الإيرانية؛ وفى لبنان يكون لها مذاق غزة. السؤال الملح من جميع الأطراف الدولية هو ما الذى سوف تفعله إيران، غير مألوف وغير منضبط؟. الخيار الكبير، والمستبعد، أن تفتح إيران وأنصارها وتوابعها كل النيران على إسرائيل ومن جميع الجبهات، فاتحة حربًا شاملة إقليمية. الخيار المقابل، والمنضبط، أن تكون الضربة اغتيالًا مضادًّا، أو ما يكفى لنزوح مزيد من الإسرائيليين عن مواقعهم. الخيار الثالث أن يكون القرار الإيرانى وقرارات تابعيه بعيدة عن الانتقام وحده، وإنما التركيز على المستوطنات الواقعة فى الضفة الغربية المحتلة، والتى يستنكرها العالم وعدد غير قليل من الإسرائيليين وحلفاء إسرائيل. الخيار الأفضل من كل ذلك هو البحث عن السلام فى المنطقة بدلًا من الحرب، والأمن الإقليمى البديل عن عدم الاستقرار فى المنطقة. بالطبع فإن خيار الصمت والاعتماد على الزمن فى نسيان واقعتى الاغتيال وذهابهما إلى مضابط التاريخ ليس واردًا!.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى انتظار الحرب الإقليمية فى انتظار الحرب الإقليمية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab