بقلم : عبد المنعم سعيد
السلام الذى نشاهده الآن فى القارة الأوروبية وجنوب شرق آسيا لم يتحقق فقط بوجود مشروعات إقليمية للتعاون، وإنما كان أيضا من خلال جسور مع الماضى الذى كان مزدحما بصراعات دموية وطويلة المدي. الجسر العربى لابد له أن يضع فى الاعتبار حروبا دارت على مدى ثمانى سنوات بين العراق وإيران، ولم تقل التكلفة فى الخليج عند حرب تحرير الكويت وساعة الغزو الأمريكى للعراق، وحروبا أهلية جرت بعد الاستقلال وبعد الربيع العربى المزعوم فى السودان واليمن وليبيا وسوريا ولبنان والعراق، وحلقات طويلة من الصراع مع إسرائيل لا أنهى وجودها ولا هى نجحت فى إقصاء الشعب الفلسطيني. حروب الماضى قسمت السودان وفلسطين، واختبرت ولا تزال تختبر وحدة دول أخري. نصف الدول العربية فقط استقرت على ضفاف الدولة الوطنية «دول الخليج العربى الست ومصر والأردن والجزائر والمغرب وتونس». الجسر العربى الثانى يتجه نحو المستقبل، فرغم طول الفترة بعد الاستقلال فإنه لا توجد دولة عربية تماثل كوريا الجنوبية، والسعودية هى الدولة الوحيدة التى يتعدى ناتجها المحلى الإجمالى تريليون دولار، والإجمالى فى جميع الدول العربية أقل من ألمانيا. لحسن الحظ فإن الوقت الحالى يشهد حالة إصلاحية فى بلدان عربية عديدة.
الجسر الثالث ممتد من الماضى للمستقبل، ولا يشمل إسرائيل وحدها وإنما أيضا إيران وتركيا، أى دول الجوار العربية التى يحقق الاستقرار معها سلامة دول وشعوب عربية ممتدة للشعب الفلسطينى والعراقى ودول الخليج والقرن الإفريقي. الجسور الثلاثة ممتدة إلى شعوب الدول الثلاث وجميعها يحتوى على تراث تاريخى مع الدول العربية اختلطت فيها الحضارات والأجناس والأنواع معطيا حالات من التميز هنا أو هناك، ولكنها تمتلك أبعادا كثيرة للتآلف والائتلاف. التركيز على إسرائيل هنا مهم لموقعها الجغرافى الذى كان من أجل قسمة العالم العربى الذى فى ظل السلام يكون جسرا بين المشرق والمغرب، ولا يقل عن ذلك أهمية إلى الأقلية العربية فى إسرائيل التى تمثل 21% من السكان.