بقلم - عبد المنعم سعيد
المرجح أنه عند نشر هذا العمود سوف يكون ضجيج الثانوية العامة قد شحب، وحانت ساعة دخول الجامعات والمعاهد العليا، والفرص العامة والخاصة لدخول التعليم الجامعى. فى العموم لن يكون هناك فحص لماذا يدخل الطالب هنا وهناك، وهل من الحكمة أن يدرس فى علوم يكرهها إلى بقية العمر؛ والمؤكد أنه سوف يكون دائما من يتساءل عن العامل الطبقى فى استمرار التعليم إلى المستويات الأعلى، وعما إذا كان القادرون وحدهم هم الذين يرسلون أولادهم إلى جامعات الغرب والشرق، ومؤخرا عرفنا السودان أيضا! الضجيج الجديد لن يختلف كثيرا عما قبله، حول الامتحانات التى يجرى التأكيد أنها سوف تكون فى مستوى الطالب المتوسط، ثم الدموع التى تسيل كثيرا ساعة امتحان الكيمياء، وطلب الإحاطة الذى سوف يقدم فى مجلس النواب للتحقيق فى غياب رحمة الامتحان الذى لن يمر يوم حتى تصدح الزغاريد لأن امتحان اللغات جاء سهلا. بالطبع لن يكون هناك أبدا من يسأل عن أسرار انخفاض مستوى التعليم، وبالتالى الخريجين، وضعف الطلب عليهم ساعة الوظيفة.
فى العام القادم سوف يكون عشر سنوات قد مضت على كتابى مصر دولة طبيعية, وفيه لم يكن لى من مطالب أو تمنيات لمصر أكثر من أن تكون دولة يختفى فيها الشذوذ عن بقية خلق الله من الأمم. كان فى المقدمة منها نسبة الخمسين فى المائة من العمال والفلاحين ونظام الثانوية العامة؛ ولحسن الحظ فإن الأولى وصلت إلى نهايتها، أما الثانى فظل باقيا صبورا، ومقاوما لمحاولات الإصلاح من القلوب الرقيقة والرحيمة فى المجالس التشريعية التى لا تريد الضغط على أولادنا! انتهت محاولات الإصلاح دائما إلى القليل، وبقيت الشهادة أهم كثيرا من التعليم فى تواطؤ غير شرعى يتنافى مع مصالح الوطن والطلاب. التعليم ضرورى لتقدم البلاد وليس الشهادات، وفى البلدان المتقدمة ينتهى التعليم الأساسى (والمجاني) مع المرحلة الثانوية، ويكون الحصول على ما هو أكثر له علاقة بالمهنة، والعمل والتكلفة.