تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

 العرب اليوم -

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

بقلم - عبد المنعم سعيد

تحدث الأزمة الاقتصادية عندما يكون هناك خلل فى الموازين الأساسية للدولة من أول موازنتها العامة بين الإيرادات والإنفاق، والميزان التجارى بين الصادرات والواردات، وميزان المدفوعات بين ما هو وارد من أموال وما هو خارج منها، وحتى نصل إلى الخلل ما بين الزيادة السكانية والقدرة على إعاشتها. باختصار الأزمة هى حالة من الاستحكام لكل ما سبق إلى الدرجة التى تظهر فيه أعراض موجعة مثل التضخم والبطالة وحتى التعرض لضغوط خارجية شتى. التفكير مع هذا الوضع الآن يدعو أحيانا إلى «الحوار» حول الأزمة بين مختصين أو سياسيين أو الجمهور العام من خلال أجهزة الإعلام لعل الطاقة المجتمعية من الأفكار تقود إلى حل.

لدى الرأى العام فى العادة الرغبة فى حلول سحرية كثير منها متطرف وساذج وفى الأغلب يؤدى إلى تفاقم الأزمة وليس حلها حينما يزيد فيها الإنفاق العام أو يدعو إلى درجات متطرفة من التقشف فيكون مدعاة لضعف الطلب العام والانكماش الاقتصادى فى أعقابه. ما نحتاجه هو نوعية من التفكير التى تسير أولا فى اتجاهات نعرفها جيدا، وأجدنا فيها أيضا بالطاقات الحالية فى المجتمع؛ وثانيا أنها تكون مقبولة داخل الإطار السياسى العام فى البلاد، أى عملية وقابلة للتنفيذ وفيها بعض من الخيال ولكنها لا ترتقى إلى أحلام نستيقظ منها على كوابيس مخيفة.

نقطة الانطلاق الرئيسية هى ما تحقق خلال السنوات التسع الماضية على أرض مصر والتى حتى عام واحد مضى، ورغم وجود جائحة كورونا، حققت فيها معدلات نمو إيجابية، وظهر معها انخفاضات طفيفة فى النمو السكانى تحمل فى طياتها فرصا للتسارع كلما ظلت معدلات التنمية فى النمو. ما تحقق كان زيادة العمران المصرى التى كانت قبل نصف قرن نحو ٣٪ من مساحة مصر، ووصلت قبل ثلاثة عقود إلى ٧٪ من المساحة الكلية للدولة، والآن وبعد أقل من عقد فإن العمران يصل إلى ما يقرب من ١٥٪. النتيجة إيجابية ولا شك، ولكن عدد السكان ارتفع من نحو ٤٠ مليونا فى عام ١٩٨٠ إلى ما يقرب من ١١٥ مليونا من المواطنين والضيوف، وأصبح الامتحان الآن كيف يمكن وضعهم فى مسار للعمل وإضافة القيمة. فالعمران لا يعنى فقط العيش أو الوجود السكانى، وإنما القدرة على توليد الثروة أينما كانت على أرض مصر.

ولحسن الحظ أنه خلال نفس الفترة بدأت حركة واسعة للانطلاق من «النهر إلى البحر» حيث بدأت الحركة السكانية تتلامس مع البحرين الأبيض والأحمر، وخليجى السويس والعقبة، وجوار قناة السويس الكثيف؛ وبشكل ما فإن الصحراء المصرية لم تعد على وحشتها لدى أجيال سابقة، فلا عادت واحة سيوة بعيدة، ولا مزارع العوينات قصية، ولا واحات الوادى الجديد وتوشكى ظلت بعيدة عن خيال المصريين، ولا البحيرات المصرية دامت على حالتها العشوائية وإنما باتت جاهزة لاستثمارات كبرى. المؤكد أن نمو البنية الأساسية المصرية منذ مطلع القرن الحالى، خاصة خلال السنوات الست الماضية، من طرق وأنفاق ومطارات وموان ومحطات للطاقة قد خلقت مجالات واسعة للتعمير، واستخلاص الثروات، من المرجح أنها قد وصلت إلى مساحات جديدة، ولكنها ليست بعد واصلة إلى حالة المستوطنات السكانية من مدن وقرى حضرية وريفية.

وفى وقت من الأوقات كان التساؤل حاضرا وبإلحاح على مصادر تمويل بناء العاصمة الإدارية الجديدة، وجاءت الإجابة أن تحويل الأرض الجدباء التى لا تخضر ولا تثمر إلى عمران يولد قدرات مالية كانت كافية لبناء حاضرة مصر الجديدة. ذات النظرية لا تزال ممكنة فيما يخص المرحلة المقبلة فهناك لا يزال ٨٥٪ من أرض مصر قاحلة وجدباء ولم تصلها بعد لا يد التنمية ولا قدمها، وتزيد من حيث المساحة على ثلاثة أمثال بريطانيا أو اليابان. ولمن لا يعلم فإنه يوجد فى نيل القاهرة وحدها ١٥ جزيرة، أما فى النيل المصرى كله فيوجد ١٤٤ جزيرة منتشرة أمام ٨١٨ قرية ونجعا ومركزا فى ١٦ محافظة (أسوان- قنا- سوهاج - أسيوط- المنيا- بنى سويف- الجيزة- القاهرة- القليوبية- المنوفية- الغربية- كفر الشيخ - البحيرة- الدقهلية- دمياط- الأقصر). وهذه الجزر موزعة من أسوان حتى قناطر الدلتا (٥٥ جزيرة)، وفرع رشيد (٣٠ جزيرة)، وفرع دمياط (١٩ جزيرة)، وتبلغ مساحة الجزر ١٥٥٠ كم مربع أى مثلين ونصف دولة سنغافورة، وأكثر من ثلاثة امثال دولة البحرين، وأكثر من مثل ونصف مساحة مدينة هونج كونج الشهيرة، وأكثر من ٢٥ مثلا قدر جزيرة مانهاتن الشهيرة أيضا فى نيويورك، ومن المؤكد أن كلا منها يصلح لأن يكون مكانا للسكن والحضارة لا تختلف كثيرا عن حى جزيرة الزمالك، أو حى جزيرة المنيل. وكل ذلك بخلاف ٨١ جزيرة فى البحر الأحمر، كلها لا تقل روعة عن جزر بحر الكاريبى، ولكنها لأسباب لا داعى لمناقشتها الآن غير مأهولة، أو أنها تستخدم كممر لأغراض غير مشروعة.

المؤكد أن المتخصصين فى علم الاقتصاد قد يكون لديهم أفكار بديلة أخرى أكثر نجاعة فى التعامل مع الأزمة الاقتصادية والتخفيف من آثارها على الشعب المصرى. ولكن ما نطرحه هنا أن استغلال الجزر والأراضى المصرية من خلال الاستغلال الرأسمالى المباشر يتيح لنا فرصة كبيرة لاختبار ما نجحت فيه دول أخرى فى عالمنا للحصول على موارد عالمية بدلا من مواردنا الشحيحة. إنه نوع من الفرز الجغرافى الذى يعطى فرصا جديدة متاحة للدولة المصرية كلها. ولعل النظرة للجانب الآخر من البحر الأحمر حيث التنمية تجرى على قدم وساق بموارد محلية وداخلية تعطينا درسا إضافيا فى تخليق الثروة، وربما أيضا إتاحة فرصة واعدة للتنمية والرخاء المشترك.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
 العرب اليوم - طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab