بقلم -عبد المنعم سعيد
ثلاثة أحداث كبرى جرت خلال أيام قليلة: جنحت سفينة «ريفر جيفن» على شاطئ قناة السويس، وأصبحت صورتها معلقة بين ضفتين علامة دولية على مدى أسبوع، واصطدم قطاران واستشهد معه عشرات، وجرح مئات، وسقط مبنى عقارى فى كومة تراب ومعه شهداء وجرحى وآلام أسر ومجتمع. الأحداث الثلاثة جرت بينما نستعد لمرافقة مومياوات الأسر الملكية الفرعونية فى الثالث من إبريل فى طريقها من متحف التحرير القديم إلى متحف الحضارات العريقة الجديد. الرحلة الملكية لم تكن علامة فقط على عراقة مصر، وإنما بداية لعرض نتائج مبشرة لا تقل عظمة، تفتتح فيها مشروعات سنوات سابقة فيها متاحف وبنية أساسية وانطلاقات طويلة على طريق التقدم. من جانب آخر بدا وكأن العالم يعيد اكتشاف مصر مرة أخرى: عبقرية مكانها، وقناتها التى تحتوى على ١٢٪ من التجارة العالمية، وقدر كبير من سلاسل التوريد اللازمة لصناعة العالم.
الصدمات الأولى هى خروج عن السياق، وهى من ناحية اختبار لما لم يتيسر بعد تقديمه، ومن ناحية أخرى هى تذكرة أن الأمم العظمى لا تجنح أو تحيد عن مسارها. هى تأخذ ضربة الطبيعة، وتدفع ضريبة الأخطاء، وتشعر بالألم والحزن على من دفعوا ثمنا جاء قبل ميعاده، ولكنها لا تنكص ولا تتراجع، وبالتأكيد فإنها لا تتوقف. هى تستمر وتندفع، وعندما أعلن الرئيس السيسى عن الدلتا الجديدة، فهو يذكر الجميع بأن المسيرة مستمرة. علينا أن نعمل أكثر، ونعالج أسرع، ونعرف كيف ندير أزمات، بعضها جديد، وبعضها الآخر تكرر أكثر مما ينبغى. هى ليست قضية أولويات ينفى فيها القديم الجديد ويؤجله إلى أزمنة غير معلومة، وإنما هى المسيرة على كل جبهات القطارات السريعة والتقليدية على السواء. مصر لا تجنح، وإنما تمضى بسرعة.