بقلم - عبد المنعم سعيد
تأزمت القضية الفلسطينية للمرة الألف مع اختيار الحكومة الجديدة فى إسرائيل؛ وبينما تمتد إسرائيل بالمستوطنات ومحاولات تغيير الأوضاع فى القدس، فإن عمليات "للمقاومة" أخذت أشكالا مختلفة، وليس معلوما عما إذا كانت قادمة من القوى السياسية التقليدية أم أن هناك رعيلا جديدا دخل الساحة. وفى هذه الحالة من الاشتعال، فإن الحرب الأوكرانية فرضت ظلها على العالم، ولن يعدم أحد المقارنة ما بين احتلال روسى لأوكرانيا والآخر القديم جدا فى فلسطين من حيث الاهتمام الدولى والأخلاقى. وبينما كان أقصى الممكن فى قضية الشرق الأوسط هو السعى نحو إيقاف التصعيد، فإن قضية شرق أوروبا تراوحت ما بين السعى إلى الانتصار من جانب روسيا وأوكرانيا، والدخول فى الحرب النووية. وبينما تعدى عمر القضية الفلسطينية أكثر من قرن، فإن القضية الأوكرانية يعود تاريخها إلى نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى. بالطبع هناك تصورات أخرى لدى الرئيس بوتين تعود بالقضية إلى عهود روسيا القيصرية، ولكن ذلك لا يزيد عن المزايدة التاريخية.
الفارق ما بين القضيتين ربما يقع فى التركيبة السياسية، فبينما فلسطين مقسمة بين «فتح» و«حماس»، وغزة والضفة الغربية، وفتح وأحزاب وجماعات سياسية وعسكرية، وآخرها جماعة «عرين الأسد»، وحماس والجهاد الإسلامى وجماعات تحمل كلها اسم "إسلامي"؛ فإن أوكرانيا على الناحية الأخرى لا يوجد فيها إلا "زيلينسكي"، الرئيس القائد للجيش وقوات مسلحة واحدة، وحكومة لا تعرف الانقسام. خلال عام واحد كان هذا الأخير قادرا على الصمود أمام دولة عظمى، حاصلا على تأييد ١٤١ دولة رافضة الغزو الروسى، وفى سجل التاريخ بات مقترنا باسم "تشرشل". جماعتنا فى فلسطين يقعون على مسافات متباعدة من فلسطينى ى الداخل الإسرائيلى، والآخرون فى "الدياسبورا" الفلسطينية، وفى أوكرانيا لا يعرفون فارقا بين من بقى فى الوطن، ومن نزح داخله، ومن لجأ إلى الخارج. فهل نعرف الفارق الآن بين كييف ورام الله؟ .. بالتأكيد هناك فوارق أخرى!.