بقلم - عبد المنعم سعيد
هى الحرب الخامسة فى غزة، وإذا كان فى مجموعها من دروس فإنها على عكس الكثير من الحروب الدولية لا تستمر طويلا؛ ربما تكون أشبه بفصول كتاب، أو أجزاء من مسلسل يذهب ويعود لأنه لا أحد يعرف شيئا عن النهاية. درس الحروب الأربع الأولى أنها تتراوح ما بين أسبوعين وستة أسابيع، وبعدها لا يتحمل العالم رؤية غزة وهى تعتصر، ولا تتحمل إسرائيل المضى فى حرب طويلة. لا يوجد فى غزة مثل ما هو حادث فى أوكرانيا حيث دخلت الحرب أعواما، وعندما جرت تسوية “بيخمونت” - مثل “دريسدن” قبلها- بأرضها كان ذلك من أمور طبيعة الحرب البشعة والقاسية. لا توجد فى الحروب نزهة، ولا يوجد اتفاق على اللطف، ولا تحديد عدد الضحايا فلا يزيد طرف من نصيبه على الطرف الآخر. الحرب ظاهرة إنسانية تكشف عن جوانب الغريزة والمشاعر المشتعلة والغاضبة لدى البشر فيكون القتل والشهادة والبطولة والجبن والشجاعة، وكلها تسعى نحو الانتصار. وفى المسيرة البشرية جرى التقسيم ما بين حروب عادلة وأخرى ظالمة؛ وبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية جرت محاولات تقنين قواعد للحرب التى تختص باستخدام أسلحة بعينها، ومعاملة الأسرى، والتعامل مع المناطق المحتلة.
ورغم كل ذلك فإن الحرب لم تتوقف عن الدوران، وفى العالم جرت حروب طاحنة فى كوريا وفيتنام، وبين الهند وباكستان، وبين الهند والصين؛ ووصلت الحرب إلى أوروبا مع الحرب الروسية الأوكرانية، وكانت قد تجلت حينما نشبت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران وهى الحرب التى جرى فيها استخدام الأسلحة الكيماوية، ومن بعدها كانت حرب تحرير الكويت، ثم تلاها الغزو الأمريكى فى العراق. وعندما تجلت شمس “الربيع العربى” إذا بها تغرب على حروب أهلية طاحنة ضاع فيها مئات الألوف، وبعد أن كان العرب لا يعرفون من اللاجئين إلا الفلسطينيين، عرفوا السوريين واليمنيين والصوماليين ومؤخرا السودانيين. ومعذرة وعفوا إذا كنا قد نسينا، فحرب غزة ليست استثناء من الهول العظيم.