بقلم - عبد المنعم سعيد
رغم أن جدران المعابد المصرية لا تقص قصة العبرانيين فى مصر وخروجهم منها، إلا أن الكتب المقدسة سجلت الواقعة وما نجم عنها من عبور البحر والتيه فى سيناء والتجلى الأعظم على جبل الطور حتى الوصول إلى فلسطين التى لم تكن فارغة من السكان، وإنما كانت عامرة بأهلها. ما تلى ذلك ليس موضوعنا، ولكن تجلياته كانت دائرة يصعد فيها اليهود العبرانيون إلى آفاق عالية يتلوها التحول إلى التكبر والقسوة التى تخلق دورات مقابلة من الاضطهاد. الخروج من مصر، والسبى البابلى كانا شهادات على دورات من الارتقاء إلى آفاق عالية من الثروة والسلطة والعلم تستخدم جميعها للسيطرة والهيمنة والضغط على أهل البلاد الأصليين. كل ذلك لم يكن يبرر ما جرى بعد ذلك من نوبات قاسية من العنف فى إسبانيا وروسيا وبلاد أخرى كان آخرها الجريمة الكبرى للنازية التى ارتكبت أبشع الجرائم فى القرن العشرين «الهولوكوست» ولكن ما شاهدناه فى فلسطين منذ قرار التقسيم وحتى الآن من نكبات كان لا يقل عن تدريبات فى تلك الحلقة الجهنمية التى طالت فى النهاية أطفالا رضعا لا يملكون حتى القدرة على الصراخ. لم يكن أى منهم من الذين هاجموا يهودا فى 7 أكتوبر، وإنما كان من يماثلون الأصوليات اليهودية التى تحكم إسرائيل الآن.
كانت إسرائيل لديها فرصة كل شيء، السلام مع ست دول عربية، اثنتان منها مر عليهما أربعون عاما، والأخريات أخذت القاسم المشترك للسلام الإبراهيمى، وفى نفس الوقت كانت المباحثات مع المملكة العربية السعودية تقترب من نتائج السلام. باختصار كانت إسرائيل قد وصلت إلى أعلى آفاقها الإقليمية، وفى العالمية كانت من الدول الأكثر سعادة. مذبحة غزة ولدت الكثير من الكراهية، ليس فى الدول العربية والإسلامية التى لديها الكثير من المرارة، وإنما فى الدوائر الغربية التى كثيرا ما وقفت إلى جانب إسرائيل. معاداة السامية للأسف بلغت الآن فى شمال أمريكا وأوروبا مبلغا على اليسار واليمين غير مسبوق!.