بقلم - عبد المنعم سعيد
أعمدة الأستاذ محمد سلماوى فوق أنها ممتلئة بالحكمة، فإنها تتمتع باطلاع على ما تنشره الصحافة ومراكز البحث فيما يخص قضايانا، وفى طليعتها القضية الفلسطينية التى هى قضية جيلنا طوال عقود. وفى عموده يوم الأحد 4 فبراير بعنوان «سرقة كل شىء» نقل عن إحصائية «خطيرة» نشرتها جامعة «جونز هوبكنز» تثبت أن اليهود المهاجرين إلى إسرائيل لا علاقة لهم بالجنس العبرانى، وبالتالى فإنهم غير ساميين ومن ثم لا علاقة لهم بأرض فلسطين. وأيضاً أن الحمض النووى لليهود يثبت أن 97.5% ليست له علاقة بالعبرانيين القدامى، بينما ثبت أن 80% من الفلسطينيين يحملون جيناتهم العبرانية. العمود يمضى بعد السرقة الجينية إلى سرقة علم نجمة داود الذى كان علم إمارة فى تركيا، وكذلك فإن العملة الإسرائيلية «الشيكل» مسروقة من عملة «الشيقل» التى كانت لدى البابليين والكنعانيين الذين يعود إليهم الفلسطينيون. كان الأكاديمى والسياسى الفلسطينى زياد أبو عمرو قد نبهنى إلى هذه النقطة؛ وكذلك فقد كان شائعا فى أوساط كثيرة أن إسرائيل نسبت لنفسها البقلاوة والفلافل والحلاوة الطحينية.
ولكن السؤال المهم هو: ما الذى نفعله بهذه الحقائق؟ وهل نكتفى بتسجيل موقف السرقة أو يلتبس علينا الحال أن الإسرائيليين يريدون أن يكونوا جزءا من المنطقة، وبالتالى ينسبون أنفسهم إليها، أم أننا نريد تصحيحا تاريخيا بأصل الفلسطينيين العبرانى لكى نندد جميعا بمعاداة السامية، أم أن القضية كلها قد تكون ملتبسة فى منطقة اختلطت فيها أجناس وأعراق؟ وما يخص الطعام، فإنه على الأرجح أصوله تركية فيدخلنا ذلك فى إشكاليات ادعاء تركى حول أصل الأشياء. الأهم ماذا يعنى ذلك سياسيا؟ فمن المعلوم أن العرب والأمريكيين والأوروبيين والروس والصينيين يريدون حل الدولتين واحدة إسرائيلية والأخرى فلسطينية، فهل نعلن اليأس من هذا الحل ونجعل الحل فى دولة واحدة يعيش فيها العبرانيون والكنعانيون فى سلام أم أن ذلك كان مستحيلا فى الماضى كما هو الآن؟