بقلم : فاروق جويدة
نستطيع اليوم أن نقول إن قضية فلسطين قد عادت لشعبها، إنه الشعب الذى حارب وصمد حتى آخر شهيد، وهو الشعب الذى قدم آلاف الشهداء وآلاف الجرحى.. إنها البيوت التى دُمّرت، والمدارس والجامعات، والمساجد والكنائس، والمستشفيات التى تحولت إلى أطلال.. عادت القضية لأصحابها، فلم يحارب أحد بالوكالة.. كان شيئًا جديدًا أن تفاوض أمريكا «حماس»، وأن يخضع نيتانياهو لقرارات ترامب، وأن يخرج الشارع الإسرائيلى مطالبًا بالتفاوض مع المقاومة، وأن تحلق فى سماء غزة أرواح آلاف الشهداء.. وقبل هذا كله، أن يُطارد قادة إسرائيل، وحتى جنودها، فى كل عواصم الدنيا، فى جرائم لن تسقط بالتقادم.
كانت هذه آخر ما وصلت إليه حرب غزة، أن تسعى أمريكا، وليس فقط إسرائيل، لوقف القتال، لأن «حماس» مازالت تقاتل حتى آخر بيت وآخر شهيد وآخر طفل مات ممسكًا بحفنة تراب من وطنه.. إن حرب غزة لم تكن مغامرة، لكنها إرادة شعب لن يفرط فى أرضه، ولم ينضم إلى مواكب المغامرين والمتاجرين والهاربين.. ولعلها تكون فرصة لكى تتطهر القضية من المتاجرين بها، الذين باعوا أنفسهم للشيطان.
إن صمود أهل غزة أصبح الآن درسًا للشرفاء فى العالم، إن الدم ثمن الحرية، وإن كل شيء يهون من أجل الوطن.. وإنه لا يوجد نصر دون الإرادة، ولا حياة دون التضحية.. وليت الجميع يستوعب الدرس.. كانت حرب غزة فرصة لكى تعود القضية إلى شعبها وتتخلص من المزايدات والشعارات، فقد تاجر بها الكثيرون، وكانت إسرائيل تراهن دائما على الوقت وأجادت هذه اللعبة، وضيعت الفرص على حل عادل للقضية، وعلى كل من تاجر بها أن ينسحب الآن فلا شىء أغلى من دماء الشهداء.