بقلم:فاروق جويدة
فى نكسة 1967 تحوَّل نصف الشعب المصرى إلى خبراء عسكريين فى الإستراتيجية الحربية، وبدأ الحديث عن مسار الطائرات، ومن يأتى من الشرق أو الغرب .. وفى الأيام الأخيرة، عادت نفس الاجتهادات فى كل القضايا - بيع العقارات والأراضي، ووسط القاهرة، والساحل الشمالي، والبحر الأحمر - وظهر فريق يروِّج لبيع كل شىء دون دراسة أو مراجعة .. والغريب فى القضية أن أصحاب الفتاوى من غير المتخصصين، وهذا يشبه نجارًا يجرى عملية جراحية فى قلب مريض.. وهذه الفوضى فى الفتاوى انتقلت إلى العقائد والأديان، حتى إن أحد مشايخنا أفتى بأن الله سبحانه وتعالى قد يُلغى عذاب جهنم ويعفو عن كل البشر، ولا يجد الناس النار فى الآخرة ولم يقل لنا فضيلة الشيخ من أين جاءته هذه الرسالة ومتى هبط الوحى إليه؟!.. وكثيرًا ما نسمع الآن صيحات تطالب ببيع كل شيء فى مصر، لأن الظروف الاقتصادية التى تعيشها مصر تتطلب ذلك ، وللأسف الشديد، فإن هذه الدعوات تجد من يروِّج لها من فرق السماسرة وتجار الفرص والصفقات..
وفى تقديري، أن هناك حالة انفلات وفوضى وصلت بنا إلى هذا المستوى من السطحية والسذاجة ، بحيث لم نعد نفرق بين أشياء لا ينبغى أن تُباع، وأشياء أخرى يمكن التخلص منها.. أما الإرادة الإلهية فيما يخص الجنة والنار، فهذا من علم ربي، ولا ينبغى الجدل حوله أو إصدار الفتاوى فيه..
إن فضيلة المفتى الدكتور نظير محمد عياد يقوم الآن بالتنسيق مع الأزهر الشريف حول وضع ضوابط للفتاوى، وتحديد الجهات التى تملك هذا الحق، وذلك فى ظل ما يشهده المجال من تجاوزات كثيرة.
حين تتراجع درجة الوعي، وتغيب قيمة الحوار، يتحول الأفق إلى ساحة من الضباب تضيع فيه الرؤى وتختفى الحقيقة.