بقلم:فاروق جويدة
عندما وقعت مصر اتفاقية الغاز مع إسرائيل، كتبت يومها معارضًا هذا الاتفاق، وقلت: لا داعى أبدًا لهذا الارتباط، لأن الظروف السياسية وغير السياسية قد تفرض علينا مواقف أخرى.. فوجئت يومها بالرئيس الراحل حسنى مبارك — رحمة الله عليه — يتصل بى، ويناقش ما كتبت، ويؤكد أنه لا يوجد أحد يفرض علينا ما نريد، وأن قرارنا فى يدنا.. ودار بيننا حوار اتسم بالوضوح والصراحة، وتناول الحديث موضوعات أخرى، ولكن اتفاق الغاز بدأ تنفيذه، وكان يمثل تحولًا كبيرًا فى علاقات مصر وإسرائيل، خاصة فى الجانب الاقتصادى.. وقد تذكرت قصة الحوار حول قضية الغاز فى الأيام الأخيرة، أمام تحديات كبيرة تحيط بالعلاقات بين مصر وإسرائيل، خاصة أن الغاز يمكن أن يكون أحد هذه الأزمات، وعاد السؤال القديم: لماذا نلجأ إلى الغاز الإسرائيلى وحولنا دول كثيرة يمكن أن نوفر احتياجاتنا منها بأسعار أقل؟
إن المواقف أحيانًا تفرض تحولات وتغيرات تتطلب إعادة النظر فى مسلمات كثيرة، خاصة أن الدول لا بد أن تراجع مواقفها بما يضمن مصالحها، خصوصًا فى سلع ضرورية مثل الغاز. إن أمريكا تهدد بقطع المساعدات، وهى مساعدات عسكرية تتعلق بالأمن القومى، وعلى جانب آخر تبدو أزمة الغاز مع إسرائيل ، وكلها دروس فى الحياة، وليس فقط فى السياسة أو العلاقات الدولية، لأن العواصف لا ترسل إنذارات قبل أن تنطلق فى الفضاء.. إن التعامل مع إسرائيل وغيرها، خاصة فى العلاقات الاقتصادية، يجب ان يخضع لحسابات دقيقة، لأن السياسة كثيرا ما تفسد أشياء أخرى، خاصة أن السلام مع إسرائيل مازال يخضع لحسابات وتحديات ومخاطر كثيرة والأفضل أن نتجنب مناطق الصدام وهى ليست بعيدة..