بقلم : فاروق جويدة
أهدانى منذ شهور قليلة أعماله الشعرية الكاملة فى أربعة أجزاء، ويومها كتبت عنه، فهو واحد من أجمل وأرقّ الأصوات الشعرية فى حديقة الشعر العربى. وفوجئت بخبر رحيله منذ أيام، والغريب أن يغيب شاعر فى حجم محمد إبراهيم أبو سنة، يلفه هذا الصمت، وهو الذى أطربنا بشعره أكثر من خمسين عاماً.. كيف يغيب شاعر بهذا الصمت ويرحل دون وداع يليق به؟ كان أبو سنة واحداً من أقرب الشعراء إلى قلبى، كان رقيقاً هادئاً لا يحب الضجيج ولا يسعى للأضواء.. كانت لنا لقاءات ممتعة مع فاروق شوشة وأمل دنقل، وكانت قصائد أبو سنة تشبهه، ترفعاً ورقياً، وأختار دائماً أن يحلق فى الأفق البعيد، تاركاً للناس أحوالهم وأخبارهم، ولم يكن يوماً طرفاً فى صراعات أو معارك، كان مترفعًا فى كل شيء، زاهداً عن كل شئ..
فى السنوات الأخيرة، غاب تماماً عن الساحة الثقافية، وإن بقى على عهده بالغناء لنفسه التى كان يطرب معها كثيراً.. رحلة الصمت التى غاب فيها أبو سنة تدين أطرافاً كثيرة، وإن يُودَّع شاعر فى حجم وتاريخ أبو سنة بكل هذا الصمت، شيء لا يليق بالشعر والشعراء فى أرض الكنانة.. سوف يبقى أبو سنة الشاعر الجميل، حتى وإن لم يُنصفه زمن أطرب فيه الملايين بشعره وكلماته؛ فالشعر لا يموت، والشعراء أكبر من الصمت والنسيان .. كان أبو سنة يستحق وداعًا يليق بمشوار شاعر كبير، وما زالت أمام الجميع فرصة تكريم أحد رموز مصر، تاريخا وإبداعاً.. لو كان أبو سنة لاعب كرة أو مطرب مهرجانات، لكان هناك وداع آخر.