بقلم : فاروق جويدة
أحيانًا يواجه الإنسان ما يتعرض له من الظروف الصعبة والأزمات، فيهرب إلى ماضيه، قصة حب عاشها، أيام جميلة مرت عليه، أصدقاء جمعت الأقدار بينهم وتركوا رصيدًا من الذكريات.. يحاول الإنسان أن يستعيد شيئًا من الماضي، ولا يجد غير أطياف تعبر فى خياله ولا يبقى منها أى شيء.
وما يحدث فى حياة الإنسان يحدث فى حياة الشعوب.. وقد لاحظتُ أخيرًا أن عددًا كبيرًا من مسلسلات رمضان يتناول قصصًا وحكايات من الماضي، سلاطين وحكامًا، وقصص حب، وجرائم قتل، وطغيان، وكأن الماضى تداخل مع الحاضر، وانتشرت على الشاشات مشاهد العنف والقتل والدمار.. وحين يهرب الإنسان إلى ماضيه، فهو يقاوم العجز، إذ فقد القدرة على أن يعيده واكتفى بأن يراه صورًا .. وحين تعجز الشعوب عن تغيير واقعها، فهى تستسلم لذكرياتها وتحاول أن تعيشها خيالًا.. وأصعب الأشياء أن يسير الإنسان وهو ينظر خلفه، أو تعيش الشعوب بلا حاضر وتهرب إلى ماضيها، وتكون النتيجة أن يفقد الإنسان البصيرة، وتفقد الشعوب الرؤية، وتجد الجميع يسكن أطلال ماضية، إنسان يسترجع صورة حبيب رحل، وشعوب تسترجع ماضيًا لن يعود من تجارب الأيام.
وقد تسأل : وما الحل ؟ الحل أن تعيش حياتك واقعًا، وتغلق صفحة عمر مضى. أنت كبرت ولا تستطيع أن تسترد شبابًا ضاع، وأنت فقدت الإرادة واستسلمت للعجز.. عليك أن تقاوم شيخوخة الزمن ومتغيرات الحياة، أن تغلق الماضى ولا تترك حياتك للعجز .. أسوأ البشر إنسان فقد الإرادة، وأسوأ الشعوب شعب استسلم للعجز.