بقلم : فاروق جويدة
صافحتنى بحرارة وهى تجلس وحيدة فى غرفتها، وأمامها فنجان قهوتها القديم على نار هادئة.. تزوج الأولاد وهاجروا إلى كندا، أحيانًا يسألون عنى فى الهاتف.. آخر مرة رأيتهم فيها كانت منذ خمس سنوات.. أشتاق إليهم كثيرًا.. تعلموا فى مدارس مصر؛ كان التعليم عندنا أفضل من دول أوروبا.. أحدهم تخرج مهندسًا، والثانى طبيبًا.. أعيش الآن وحدى وأشعر بالسعادة والرضا، فقد علمت أبنائى أفضل تعليم وتزوجوا، ولدى الآن أربعة أحفاد.. كنت أعمل فى البيوت بعد أن رحل زوجي، وتحملت أيامًا صعبة حتى أكمل رسالتي.. وعندى الآن مشكلة؛ فقد قررت أن أسافر لأداء العمرة.. كان حلمى أن أحج، واكتفيت بالعمرة.. وذهبت إلى الجوازات للحصول على تصريح بالسفر، لأننى من «الفئات الدنيا» من النساء.. فقلت لهم : «أنا أم لطبيب ومهندس»، وقدمت صورًا مع أولادى وأحفادى .. قالوا: «ولكنك من الفئات الدنيا».. فقلت: لم نشهد هذه التفرقة بين طبقة عليا وأخرى دنيا، وهذا يدخل فى حق من حقوق الإنسان.. أنا لم أتقدم لشغل وظيفة فى مؤسسة رسمية، وأم العقاد وطه حسين لم تكونا خريجتى الجامعة الأمريكية.. كما أن أكبر نسبة للأمية فى مصر هى من النساء، ومثل هذا القرار فيه إساءة لملايين السيدات المصريات، وتضيف السيدة: أخذت جواز سفرى واتصلت بأبنائى فى كندا، أريد تأشيرة سفر إلى كندا.. بكيت كثيرًا وأنا فى مطار القاهرة على الزمن الجميل.. ينزف قلبى وعينى وكأنى فى رحلة اللاعودة إلى مطار مونتريال.. قلت: فى أمان الله.