بقلم : فاروق جويدة
تختلف درجات الأخطاء بين الناس ، لأن الفرق كبير جدًا بين أخطاء إنسان لا يعلم ، وإنسان آخر يعلم .. إن أخطاء أو تجاوزات رجل الدين ـ أيًا كان دينه ـ تختلف عن أخطاء الإنسان العادى الذى لا يعلم .. هناك تديُّن العلماء وتديُّن العوام ، وللأسف الشديد فإن العوام هم ضحايا من يعلمون .. وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، هناك منافسة شديدة، أى الناس أكثر تجاوزًا وشططًا، حتى وصل الأمر إلى تجاوزات فى سلوك الأنبياء والصحابة ـ رضوان الله عليهم .. قرأت قصصًا وحكايات على لسان علماء أفاضل ، تحمل إساءة جارحة، وفيها إدانات تفتقد الأمانة والدقة والمسئولية..
إن الأزمة الحقيقية الآن أن الفوضى تسيطر على عقول الناس، بين من يعلمون ومن لا يعلمون، وأن المنافسة اشتعلت فى كل شيء، ابتداء بالإعلانات وجمع الصدقات، وتحول الشهر الكريم من شهر العبادة إلى مناسبة للفتاوى التى تسيء لكل شيء، ما بين قصص لا تُصدَّق ، وحكايات من صنع خيال مريض .. وأمامى نماذج كثيرة أخجل أن أكتب عنها حتى لا تزداد انتشارًا..
أسوأ ما يصيب المجتمعات فى عصور التخلُّف هو غياب الوعى، والأسوأ أن تتسع درجة الغياب، وتجمع بين من يعلمون ومن لا يعلمون.. لا أدرى ما السبب فى هذا الحشد الرهيب من القصص والحكايات والفتاوى الدينية والتاريخية، التى تشوهها إعلانات التسول .. وللأسف الشديد، فإن الإنسان العادى يصدق ما يرى وما يسمع ، حتى لو كان مخالفًا للحقيقة..
منذ زمان بعيد وأنا أطالب بضرورة وضع برامج جادة لمحو الأمية، ثم حلّت علينا كارثة أخرى، وهى غربة اللغة العربية.. وما بين الأمية وأزمة اللغة العربية، غاب الوعى وانتشرت عشوائيات الفكر والثقافة..