بقلم : فاروق جويدة
هناك سؤال يتردد الآن فى كل الأوساط: من خسر حرب غزة؟ هل هى حماس التى قدمت آلاف الشهداء؟ أم هى إسرائيل التى كشفت الحرب وجهها القبيح أمام العالم؟.. إذا كانت حماس قد قدمت الشهداء، فإن صمود الشعب الفلسطينى قد كتب صفحة فريدة فى تاريخ الحروب، حيث ظل صامدًا لأكثر من عام ونصف أمام جيش نظامى مدعوم بدعم أمريكى غير مسبوق.. إن غزة لم تكن تحارب إسرائيل فقط، بل كانت تحارب قوة عظمى قدمت الدعم العسكرى والمالى والسياسى والدولى.. لم تكن حرب غزة حربًا محدودة، بل كانت استعراضًا لأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الموت والدمار.. كانت الخسارة كبيرة للغاية؛ فقد انتهت أسطورة «الحمل الصغير الذى يعيش وسط غابة»، وظهر الوجه الحقيقى لإسرائيل ككيان متوحش. كما أن الإدانة الدولية للقوة العظمى التى شاركت فى جريمة حرب شاهدها العالم كله قد أسقطت معها كل أكاذيب حقوق الإنسان والحريات.. ستحتاج أمريكا وقتًا طويلًا لإعادة شعاراتها القديمة، ولن يصدقها أحد.. إن المؤكد، رغم كل الخسائر التى لحقت بحماس، أن حرب غزة وصمود شعبها قد أعادا القضية الفلسطينية إلى ضمير العالم، وأيقظ ذاكرة الشعوب لتستعيد صورة شعب تآمر عليه العالم.. إن الحق لن يضيع ما دام هناك شعب يتمتع بصلابة وإيمان الشعب الفلسطينى.. إن اتفاق وقف الحرب فى غزة بين حماس وإسرائيل هو أكبر شهادة على أن حماس لم تُهزم، وأن إسرائيل لم تحقق أهدافها بالقضاء على حماس. كما أن قضية فلسطين أصبحت الآن قضية تجمع حولها مئات الملايين من البشر فى كل بلاد العالم.. ستبقى غزة الصامدة حديث الشرفاء فى كل زمان.