بقلم : فاروق جويدة
فى أطلال ناجى بيت من الشعر لم يكتبه شاعر قبله إذا لم تخنِّ الذاكرة، وهو: «ظالم الحُسن»، فأنا لم أسمع من قبل عن الحُسن الظالم..
وأصعب الأشياء على الإنسان أن يلتقى بحبيب كان، أو أن يفترق الأحباب، فهذه طبيعة الأقدار، إما أن تتعذّب بلقاء من تحب وتُعيد جراحًا هدأت، هنا يصبح الجرح جراحًا، وإذا افترق الأحباب فإن البُعد هو الأفضل، لأنه يفتح بابًا للنسيان، والذِّكرى أحيانًا تكون بداية جرح جديد، ولا يُجدى معها النسيان..
وإذا مات الحب ومضى كلٌّ فى طريق، فلا مبرر لاستعادة الماضى لأنها لاتفيد، وإذا أصبح الفراق ضرورة، فإن الأفضل أن يتصافح الأحباب ولا يرى أحدهما الآخر.. وقد يرى البعض أن العودة قد تفتح بابًا للعتاب أو الحنين، ولكن أجمل الأشياء فى الحب ألّا يتخلى عن الكبرياء، لأن فى الحب شيئًا عزيزًا يُسمى الكرامة..
وإذا التقيت يومًا بحبيب فرّقت بينكما الأيام، فلا تحاول أن تتطفّل عليه، وامضِ فى طريقك ودعه يمضى فى طريقه.. أجمل الأشياء فى الحب: الكبرياء والكرامة.. ومن ودّعك يومًا وأنت تحتاج منه إلى لحظة احتواء، فلا ينبغى أن تنتظر عودته، ويكفى أن تتصافح العيون إذا جمع بينكما لقاء عابر، وقد تهمس بينك وبين نفسك: «هذا الإنسان كان يومًا حبيبى»... ويكفى أن تتصافح العيون..
إنّ للحب مواسم مثل الطبيعة، ومن الصعب أن تتداخل الفصول، فإذا عشت ربيعًا فحاول أن تستمتع به، وتحتضن الأشجار والأزهار والطيور.. فإذا هبط على قلبك الخريف، وتبدّلت الألوان، وجفَّت الأوراق، واختفت الطيور، فلا تحزن، وحاول أن تتذكر زمنًا جميلًا عشته، وإنسانًا منحك أجمل ذكريات عمره.. وإذا رأيته صدفة، فلا تنسَ أنه كان حبيبك..