بقلم : فاروق جويدة
فى أحيان كثيرة يتجاوز الإنسان حدود العقل ويتصور أنه ملك الأرض وما عليها، ويبالغ فى جبروته ووحشيته.. هذه الظواهر تصيب الشعوب والأوطان والبشر، ومعظم الحضارات التى سيطرت على أقدار البشر دمرت نفسها بالظلم والطغيان وجنون القوة.. فى كثير من الحالات، تتدخل السماء وتسرى على الكون إرادة الله «حتى إذا بلغت الأرض زخرفها وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا».. وما حدث فى حرائق أمريكا أخيرًا كان رسالة للطغيان بأن قدرة الله فوق الصواريخ والطائرات وأسلحة الدمار الشامل، وأن السماء قد ضاقت بوحشية البشر، وأن مواكب القتل والدمار لابد أن تبلغ نهايتها.. ما حدث لأطفال غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق يمكن أن يحدث فى قصور لوس أنجلوس وكاليفورنيا ونيويورك.. شاهدت على الشاشات رجلًا يحرض على تدمير غزة وقتل أطفالها.. وهو يبكى لأن بيته احترق وخسر كل شيء .. وما أكثر الذين عاشوا المحنة نفسها فى مدن أمريكا التى دمرها الحريق، وخسرت 150 مليار دولار وتحتاج مثلها لتعود كما كانت.
حين يسود الظلم وينتصر الطغيان وتصبح الوحشية قانونًا يحكم البشر، تهبط لعنة السماء لكى يفيق الإنسان من جبروت القوة الغاشمة ، ويعود أكثر رحمة وعدلًا وإنسانية.. ما حدث فى أمريكا درس لكل تجار الموت وأعداء الحياة.
كانت آخر تصريحات الرئيس ترامب أنه قرر أن يدمر غزة ويحتل كندا ويسيطر على قناة بنما.. والمؤكد أنه لن يفعل ذلك لأن أمامه مهمة أخرى الآن: كيف يطفئ حرائق أمريكا..
إن أمريكا القوة العظمى بكل ما تملك من الإمكانات ما زالت تقاوم حريقا دمر كل شيء ، ولم تعرف أسبابه إنها رسالة السماء إلى أهل الأرض «يا عبادى، إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا...»