بقلم : فاروق جويدة
اختلف الناس كثيرًا حول جمال عبدالناصر وسوف يختلفون، ولم يكن عبدالناصر زعيمًا عاديًا، ولكنه كان صاحب مشروع كبير فى البناء والاستقلال والكرامة.. عبدالناصر لم يكن لحظة تاريخية عابرة فى حياة المصريين، ولكنه قدم تجربة ثرية اختلف الناس عليها، ولكنها كانت إنجازًا حقيقيًا غير مسبوق.. إن تجربة عبدالناصر فيها الضوء والظلال مثل كل التجارب التاريخية فى حياة البشر ولكنها ستبقى لحظة كان من الممكن أن تكون شيئا مختلفا فى توابعها ونتائجها، وتبقى قضايا الحريات وتأكيد العدالة والثوابت أحلاما راودتنا وكانت ممكنة فى تجربة مازالت محلا للبحث والحوار حين يتوقف التاريخ عند الأدوار والأحداث والظواهر سوف يبقى عبدالناصر فى قلب هذه الأحداث دورا وإنجازا..
لقد بقى عبدالناصر صفحة عزيزة فى تاريخ مصر بين من أحبوه ومن اختلفوا عليه، وحتى هؤلاء لم يبخسوه حقه فى أنه كان زعيمًا حقيقيًا.. كان جيلى أبناء عبدالناصر، لم نحب أحدًا كما أحببناه، وحين أطاحت بنا عواصف النكسة اختلفنا معه وثرنا عليه، ومع ذلك بقى مشروعه لبناء مصر حيًا فى ضمائرنا.. فى أحيان كثيرة تختلط الأوراق وتنسحب الأضواء وتختفى الحقائق، ولكن لا أحد يخدع الزمن؛ لأن ذاكرته أقوى من تقلبات البشر.. هناك ظلال كثيفة أحاطت بتاريخ جمال عبدالناصر بين من أحبه بصدق ومن أدانه بقسوة، وبقى الرجل صامدًا واقفًا فى مكانه بكل الشموخ كجزء عزيز من تاريخ مصر العريقة.. إذا كانت ذكرى عبدالناصر تعبر فى حياة المصريين دون صخب أو ضجيج، فإن مكانه ومكانته سوف تبقى فى قلوب الملايين الذين شاركوه حلمه.. أشياء كثيرة حفظتها ذاكرة مصر حتى وإن اختلف الناس عليها.. يبقى أن الإنسان تاريخ وحياة وذكرى، وكان عبدالناصر وسيبقى حلم وطن وصحوة أمة.