سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد

سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد

سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد

 العرب اليوم -

سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد

بقلم : فاروق جويدة

 لا أعتقد أن الشعوب العربية ، بلا استثناء، لديها شك فى أننا أمام مشروع توسعى صهيوني، وأن فلسطين ليست الهدف وحدها، بل إن المخاطر تهدد جميع الدول العربية ، وليس لها حدود، فكلنا فى الهم شرق. لقد اتضحت الآن كل جوانب المواجهة، وما كان يدور فى المكاتب أصبح حقائق ليست بحاجة لمن يكشفها أو يزايد عليها..

 

◙ أولًا: نحن أمام مشروع لاحتلال غزة، سواء بالحرب أو بالسلم، والطريق ممهد لاقتحامها بقوات مشتركة بين أمريكا وإسرائيل.. لقد وعد ترامب العرب بالجحيم، وسوف ينفذ ما وعد، ويتصور أن من يرفض التطبيع مختارًا، سيقبله مُرغمًا.. متى تنزل حشود المارينز إلى غزة؟ هذا قرار أمريكي، تنتظره إسرائيل فى أى وقت تشاء، وهذا يعنى التهجير الأكبر، بدفع سكان غزة تحت ضغط الجيوش الغازية، بتهجيرهم بالقوة والدم إلى سيناء والأردن، وتسليمها أرضًا خالية للرئيس ترامب، دون أن يدفع دولارًا واحدًا أو يسأل عن رأى الأهالى فى ترك وطنهم.

◙ ثانيًا: وعدت إسرائيل بتنفيذ تعليمات الرئيس ترامب بتحويل المنطقة إلى جحيم، والجيش الإسرائيلى الآن ينتشر فى الضفة وغزة وسوريا ولبنان، ويمكن أن يتمدد فى مناطق أخرى إذا تطلب المشروع ذلك.. وفى الحكومة الإسرائيلية تيار قوى من اليمين المتطرف يؤيد توصيات الرئيس ترامب، ويصر على القضاء على حماس والاستيلاء على غزة وإنهاء القضية الفلسيطينية.

◙ ثالثًا: منذ سنوات، وأثناء فترة حكم ترامب الأولى، كانت الأحاديث تدور علنًا فى كواليس القرار السياسى حول «صفقة القرن»، وكان أصحاب القرار فى العالم العربى يدركون ذلك، ومنهم من كان يعلم حدود الصفقة ولم نشهد أى تحرك، وتركت إسرائيل تدمر غزة تمامًا بدعم أمريكى غير مسبوق، ثم أكمل ترامب مشروع الصفقة بتهجير سكان غزة وتحويلها إلى منتجع أمريكي..

◙ رابعًا: لا أعتقد أن ترامب ألقى قنبلة التهجير فى الخفاء، فقد كانت عينه على التمويل العربى لإنشاء «غزة الجديدة»، وربما يكون قد طرح فكرته على عدد من أصحاب القرار المؤيدين لصفقة القرن، ولم يتردد فى أن يعلن أن مشروع غزة الجديدة فيه شركاء من المنطقة.

◙ خامسًا: هناك مشروع مصرى التخطيط، عربى التمويل، مقدم الآن لرفض فكرة التهجير.. ومع ذلك، قد يفكر ترامب بعقله فى الجمع بين التهجير وإعادة البناء، ليصل إلى ما يريد من جمع المال والتوافق حول التهجير والشراكة فى إعادة الإعمار.. وهناك أطراف كثيرة يمكن أن تشارك فى هذه الصفقة، بحيث ينتهى كل شيء بصفقة كبرى، تفرض التطبيع على جميع الدول العربية، وتمحو ما كان يُسمى «دولة فلسطينية». خاصة أن هناك من يعتقد أن أولوية التطبيع تسبق فى الأهمية مشروع إقامة الدولة الفلسطينية.

◙ سادسًا: قد يتفق العرب على قضية فى غاية الحساسية، وهى إخراج رموز وقيادات حماس من غزة إلى دول أخرى.. وقد يكون هناك اتفاق مبدئى على ذلك، يؤدى إلى تقارب فى وجهات النظر بين تهجير ترامب وتطبيع العرب بموافقة إسرائيلية لتحقيق الهدف.. فكيف ستتعامل القمة العربية مع فكرة إبعاد حماس، خاصة أن أمريكا تريد إقصاء السلطة الفلسطينية وحماس فى وقت واحد.

◙ سابعًا: يبقى الحل العسكرى مرفوضًا من جميع القوى، بحيث تنفذ إسرائيل ما تبقى من اتفاقات الرهائن، ويتم وقف العدوان على غزة، وتمضى «صفقة القرن» بالتطبيع وإنهاء مشروع الدولة الفلسطينية. لكن من يتصور أن حماس يمكن أن تقبل بذلك، حتى بضغط عربى فى القمة المقبلة؛ لأن حماس الآن تملك رصاصة واحدة: «عليّ وعلى أعدائي» ، فهى تفاوض أمريكا وتضع العرب أمام مأزق تاريخى ، وهى الوحيدة التى حاربت وصمدت. وقبل هذا كله ، لم يبقَ شيء فى غزة لتدمره إسرائيل أو تعلن الحرب عليه، ولم يعد لدى حماس شيء سوى طريق الموت إلى الموت.. وشعب غزة سوف يبقى الصخرة التى تتصدى لمشروع صفقة القرن، لأنه لن يترك أرضه.

◙ ثامنًا: يبقى هناك سؤال أخير محير: هل يمكن أن تشتعل الحرب بين العرب وأمريكا؟ وماذا لو ورطتها إسرائيل فى مواجهة غير محسوبة؟ لا ينبغى أن ننسى سلاح البترول، وهو ورقة العرب التى تعمل لها أمريكا ألف حساب، ولا ننسى القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة، ولا المياه العربية والسماوات التى تحلق فيها السفن والطائرات، وقبل هذا كله، لا ننسى المواطن العربى المغلوب على أمره، فقد ينتفض فى ساعة يأس، ويغير كل الموازين والحسابات.

إن أمريكا دولة عظمى، وإسرائيل دولة مغتصبة، ونحن أمام فكر مريض وشاذ يحكمه الشيطان، والشعب الفلسطينى قدم درسًا فى البطولة، لم تشهده المنطقة العربية من قبل، فهى أمة لم تمت بعد.

◙ تاسعا: أمام رغبات أمريكا وإسرائيل تهجير أهل غزة والتخلص من حماس والسلطة وضم غزة والضفة للدولة العبرية، هناك سؤال لا أحد يجيب عنه: ماذا عن تعويضات السكان وإعادة البناء؟ وأين القوانين الدولية التى تحكم تعويضات القتل والدمار؟ ومن يدفع ثمن ذلك كله؟

◙ عاشرا: إن الأزمة تزداد تعقيدًا، وسط عواصف شديدة القسوة تحيط بالعالم العربى ، ومؤامرة تدبرها عقول شيطانية فى الداخل والخارج، وحسابات وأموال ومصالح تعبث هنا وهناك.. ومصر، بحكم الريادة والزعامة والموقع والدور والتاريخ تتصدى لكل العواصف، شعبًا وقيادة.. الظروف صعبة، والعواصف شديدة، ولكن هذا قدرنا.. حمايةً لوجودنا وأمننا، وبقاء أمتنا على خريطة الزمن والتاريخ.

 

***

..ويبقى الشعر

 

وقلنـَا كثيرًا

وَكَان الْمَسَاء حَزِينًا حَزِينًا ..

وَطافتْ عَلى الصَّمْت كلُّ الحكايَا

سنونٌ تخفـَّتْ وَرَاءَ السَّنينَ

وَمَازالَ قلبىَ طفـَلا ً بريئـًا..

يُحدِّقُ فيكِ .. وَيَحْبُو إليْك..

كأنـّى عَلى الأمْس ماتتْ خـُطايَا

تغيَّرتِ الأرْضُ فى كلِّ شىْءٍ

وَمَازلت أنـْت

نقوشـًا على العُمْر..

وشْمًا على القلـْبِ..

ضوءًا على العيْن

مَازلتِ أنتِ بَكارة َعُمْرى..

شـَذا منْ صبَايَا

رأينـَا الليَالى علـَى رَاحَتينـَا

رمادًا منَ الشـَّوْق طيْفـًا بَعيدا..

يثورُ وَيَهْدَأ.. بَيْنَ الحنايَا

فعطرُكِ هذا الذى كانَ يَأتِى..

وَيَسْرقُ نوْمى

وشعرُك هَذا الذى كان يَهْفو..

ويسْفكُ دَمِّى

وَصَوتـُكِ هذا الذى كانَ يَخـْبُو..فأشـْقى بهمِّى

◙  ◙  ◙

وقلنا كثيرًا ..

وأحْسَسْتُ أن الزَّمَانَ الذى ضَاعَ منـَّا

تـَجَمّع فِى العَيْن حَبَّاتِ دَمْعٍ..

وأصْبَحَ نهْرًا منَ الحزْن يجْرى..

يسُدُّ الطريقْ..

وأنَّ الدُّمُوعَ التى فى المآقِى

غدتْ فى عُيُونكِ أطيافَ ضوْءٍ

وصارتْ بقلبى..بقايَا حَريقْ

أكادُ أعانقُ عَيْنيكِ شوْقـًا..وأنتِ أمَامى

وبيْنى وَبيَنك دَرْبٌ طويلٌ

وخلفَ المسَافاتِ..جرْحٌ عميقْ..

وأحْسَسْتُ أنى لأول يَوْم ٍ رجعْتُ..

أردِّدُ بَعْض الحُروف

وَعَادَ لسَانىَ يَحْبُو قليلا ..

وينطقُ شيئـًا

فمنذ ُ سنينَ..نسيتُ الكلامْ

وقلنـَا كثيرًا..

وأحْسَسْتُ أنك حينَ ذهَبْتِ

أخْذتِ من العُمْر كلَّ البريقْ

فلمْ يبقَ فى العُمْر غيْرُ الصَّدَأ

وأنَّ دَمِى تاهَ بَيْنَ العُروق..

وخاصَمَ نـَبْضِى..

ومَاذا سَيْفـْعَلُ نبضُ غريقْ ؟

◙  ◙  ◙

وأحسسْتُ أنكِ يوْم ارتحَلتِ

أخذت مَفاتيح قلـْبى

فمَا عَادَ يهْفو لطيفٍ سواكِ

ومًا عاد يسمع إلا ندَاك

وأنـَّك حينَ ارتـَحَلـْت..

سَرَقـْت تعاويذ عُمْرى

فصَارَ مُبَاحًا..وَصَارَ مشاعًا

وأنىَ بعدَك بعتُ الليَالى

وفى كلِّ يَوْم ٍ يدورُ المزادْ

أبيعُ الحنينَ..أبيعُ السنينَ

وأرجعُ وحْدى..وبعضى رمادْ

وأنى أصْبحتُ طفـْلا صغيرًا..

تشرَّد عُمْرًا..

وَصارَ لقيطـًا على كلِّ بَيْتٍ

وَصارَ مشاعًا على كلِّ صَدْر

وَصارَ خطيئة عُمْرٍ جَبَانْ

وأحْسستُ أنـِّى تعلمْتُ بَعْدكِ

زيفَ الحديثِ..وزيْفَ المشَاعرْ

تساوَتْ على العيْن كلُّ الوُجُوه

وكلُّ العُيُون..وكلُّ الضفائرْ

تسَاوَى على العين لونُ الوفاءِ..

وزيفُ النقاءِ..

ودمُّ الضحايَا..ودمُّ السَّجائرْ

تساوتْ على القلبِ كل الحكايَا

فَمَا عُدَّت أَعْرِف عِطْر الْحَلَال..

وعطر الْبَغَايَا

◙ ◙ ◙

وقلنا كثيرًا..

وعدتُ أفتشُ فى مُقلتيْكِ

وألقِى رحَالى على شاطئيك

وأبحرتُ..أبحرْتُ فى مقلتيك

لعلى أرَى خلف هَذى الشواطِئ

وَجْهى القديمَ الذى ضاعَ منـِّى..

وفتشتُ عنـْهُ السنينَ الطوالْ

لقدْ ضاعَ منى منذ ارتحَلتِ..

رأيتكِ وَجْهى الذى ضاعَ يومًا

بنفس الملامح..نفس البراءِة..

نفـْس البكارةِ..نفس ِالسؤالْ

◙ ◙ ◙

وقلنا كثيرًا..وعنـْدَ الصَّبَاح

رأيتـُكِ فى الضوْءِ ذرَّات شوق ٍ

أبتْ أنْ تضيعْ

لمحتكِ فى الصبح أيام طهر ٍ

تراجَعَ فيها نداء الخطايَا..

وزهرة َعمر أبتْ أن تزفَّ لغيْر الرَّبيعْ

فمَا زلتِ أنتِ الزمانَ الجميلْ

وكانَ الودَاعُ هو المستحيلْ

◙ ◙ ◙

فيا شهْرَزادُ التى فارقـْـتنى

وألقتْ على الصُّبح بَعْض الرَّمادْ

ترى هل قنعْتِ بطيفِ الحكايَا؟

ترَى هلْ سَئمتِ الحديثَ المعَادْ؟

وقلنا كثيرًا..وعندَ الصَّبَاح

رجعتُ وَحيدا ألملمُ بعْضى

وأجمعُ وجْهًا تناثر منـِّى

وفوقَ المقاعِدِ تجْرى دمَايَا

وعدْتُ أسائلُ عنكِ المقاهىِ

وأسألُ رُواد هذا المكانْ

فيصْفَع وُجْهَى حُزْنٌ كَئِيب..

وَلَمْ يَبْق فِى الصَّمتِ إِلَّاِ نَدَايا

فَمَا زَال عِطْرُكِ فِى كُلّ شَىْءٍ

ومَازَال وجْهُكِ خَلفَ الْجِدَارِ..

وَبَيْنَ الْمَقَاعِدِ.. فَوْقَ الْمَرَايَا

تُرَى كَانَ حُلْمًا ؟

عَلَى كُلّ رُكْن تَئِنّ الْبَقَايَا

فَمَا كُنْتَ أَنْتِ سِوَى شَهْرَزَادْ

ومَا كَانَ عمرى .. غَيَر الحَكَاَيا

arabstoday

GMT 11:12 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كما في العنوان

GMT 11:10 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

خيارات أخرى.. بعد لقاء ترامب - عبدالله الثاني

GMT 11:05 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

العودة للدولة ونهاية الميليشيات!

GMT 11:01 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كويكب مخيف... وكوكب خائف

GMT 11:00 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

إيران: إما الحديث أو عدمه... هذا هو السؤال

GMT 10:59 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

لبنان وتجربة الثنائيات الإيرانية

GMT 10:58 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الاستعداد لمحن إعمار غزة

GMT 10:56 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

تحديات ورهانات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد سلام مستحيل وشعوب لم تمت بعد



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:15 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

غزة.. التي أصبحت محط أنظار العالم فجأة!

GMT 06:22 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

استعادة الدولة بتفكيك «دولة الفساد العميقة»!

GMT 19:00 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

لبنان يحذر مواطنيه من عاصفة "آدم"

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 01:14 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الإفراج عن صحفي تونسي بارز من معارضي سعيد

GMT 01:46 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

انفجارات عديدة تهز العاصمة الأوكرانية كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab