بقلم : فاروق جويدة
منذ زمن بعيد ، بينى وبين الشتاء جفاء قديم، فأنا لا أحب البرد ولا أحتمله، وما أطول ليل الشتاء! فيه الكثير من الوحشة. ومنذ سنوات، لم يعد البرد والصقيع أزمة الشتاء الوحيدة، ولكن أمراض الشتاء أصبحت همًا ثقيلًا، حيث لا يفيد الدفء ولا تجدى الثياب الثقيلة.. وبعد أن كان الشتاء بيتًا للتواصل والمودة، أصبحنا نهرب من بعضنا خوفًا من عدوى الإنفلونزا وربما كورونا. أصبح من الصعب أن تزور صديقًا أو حبيبًا أو جارًا. كان محمد عبد الوهاب يسأل زوّاره عن آخر أخبار الزكام ، وكانت لديه كلمات يطلب من الزائر أن ينطقها قبل أن يزوره.
والشتاء عندى فصل ثقيل، ويشعرنى بالغربة، ويشتد فيه الإحساس بالوحدة.. هو فصل الجفاء لأن الناس تبتعد فيه عن بعضها.. وأصعب ما فيه أن تشعر أنك وحيد.. البرد الشديد لم يكن يومًا من سمات المناخ فى مصر، ولكنه أصبح الآن ضيفًا ثقيلًا.. ولا حل للبرد القاسى غير أن تجلس فى بيتك تقرأ كتابًا أو تسمع أغنية أو تسأل عن صديق مريض.. فى زمان مضي، كان الضيوف يتسابقون إلى دفء القاهرة، ولكننا الآن نعانى بردها الشديد.. هل هو الشتاء الذى تغير؟ أم هو العمر الذى سرقنا؟ أم أنها الشمس التى لم تعد تشرق إلا قليلًا؟ كلما تحدثت مع صديق، كانت شكواه من البرد، وأن الشتاء لم يعد كما كان. ومنهم من يسافر مع كلمات مأمون الشناوى وصوت فريد الأطرش : «وادى الشتا يطول لياليه على اللى فاته حبيبه».
حتى الشتاء حرَمنا من الأحباب.