بقلم - سليمان جودة
وافق مجلس الوزراء، في اجتماع الأربعاء، على الصيغة النهائية لوثيقة «سياسة ملكية الدولة»، وقرر رفعها إلى رئيس الجمهورية. وقال المجلس، في البيان الصادر عنه بعد الاجتماع، إن الوثيقة تنظم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، وإنها تطمئن المستثمر في الداخل والخارج.
وهذه الموافقة من جانب المجلس تعنى أن الوثيقة لا تزال على الطريق، وأنها رغم مرور شهور على طرحها لا تزال صيغة لا تحمل توقيعًا يوجب العمل بها.
وإذا كانت الوثيقة قد غادرت مجلس الوزراء في طريقها إلى الرئاسة، فهى لا تحتاج إلى شىء في هذه المرحلة قدر حاجتها إلى أن يكون إيقاعها أسرع بكثير، وأن تكون خطواتها قفزًا لا مشيًا كما كانت في مرحلتها السابقة، وأن تقطع اليوم في ساعة ما كانت تقطعه من قبل في يوم.
وتحتاج كذلك إلى أن تكون تفاصيلها منشورة لأنها بالتأكيد ليست وثيقة سرية، ولأن المستثمر الذي نريد طمأنته بها لن يطمئن لمجرد أن نقول له إن الوثيقة خرجت في صيغتها النهائية، وإنها في الطريق إلى التوقيع من الرئيس.. ولكنه سيطمئن عندما يعرف أن فيها كذا وكذا على وجه التحديد، وعندما يعرف أن الدولة ستعمل حسب نص الوثيقة في مجالات هي كذا وكذا، وأنه كمستثمر سيعمل في مجالات هي أيضًا كذا وكذا، وأن الدولة ستتخارج من أنشطة دخلتها في تاريخ غايته كذا.
لماذا أقول هذا الكلام؟!.. أقوله لأنى قرأت، قبل يومين، خبرًا يقول فيه محمد موش، وزير التجارة التركى، إن صادرات بلاده في شهر نوفمبر الماضى ٢١ مليارًا و٩٠٠ مليون دولار!.
ولابد أن هذا المستوى من الصادرات في دولة مثل تركيا يقول لنا إن إيقاع الوثيقة منذ طرحها بطىء للغاية، وإن عليها أن تعوض ذلك في حركتها منذ اليوم، وإن تسريع الإيقاع ضرورة لا ترف لأن العالم من حولنا لا ينتظر.. وصادرات تركيا في شهر واحد أقوى دليل.
لا أحد ضد أن تعمل الدولة فيما تراه من مجالات.. لا أحد منّا ضد ذلك.. ولكن المشكلة أن القطاع الخاص يتضاءل أمامها مهما كانت إمكاناته، وعندما يجد نفسه في منافسة غير متكافئة معها فإنه ينتظر أو ينسحب، ولا يكون أمامه بديل ثالث.. وهذا ليس في صالح اقتصاد البلد بأى معيار، ولا نحن نحتمل عواقبه.