بقلم - سليمان جودة
الكتابة عن حى الزمالك هى كتابة عن شىء جميل فى البلد، وهى كتابة عن ضرورة أن يبقى هذا الشىء جميلًا كما هو، فلا يتشوه، ولا يجرى الاعتداء عليه.
ومن فترة أصبح هذا الحى لا يخرج من مشكلة إلا ليجد نفسه فى مواجهة مع مشكلة جديدة، وبغير أن يسعى سكانه إلى إثارة أى مشكلات من جانبهم.. ونحن نذكر بالتأكيد حكاية العجلة الدوارة التى استيقظ أهل الحى ذات يوم ليكتشفوا أن الحكومة قررت إقامتها على الشاطئ.. ولولا صلابة الذين دافعوا عما تبقى من هدوء الزمالك كجزيرة تقع فى قلب النيل، لكانت العجلة قد قامت فى المكان المقترح، ولكان الصخب المصاحب لها هو عنوان المكان الآن، ولكان الزحام فى شوارع الجزيرة قد ازداد زحامًا فوق زحام!
ولم يكن أبناء الزمالك ضد العجلة كفكرة سياحية، ولكنهم كانوا ضد مكانها المختار وقتها، وكان تقديرهم أن إقامتها فى المكان المقرر سيجعلها فكرة فى غير مكانها.
وما كادوا يتخلصون منها بشق الأنفس حتى وجدوا أنفسهم فى مواجهة ثانية مع مشروع ممشى أهل مصر.. ولم يكونوا ضده قطعًا، ولكنهم كانوا ضد ألا يراعى المشروع خصوصية الناس، وهو يمتد بجوار الشاطئ الذى تقع عليه بيوت هؤلاء الناس.
ومن بعدها وجدوا أنفسهم فى مواجهة ثالثة، وكان السبب هو هذه الدكاكين التى نشأت فجأة فى شارع ٢٦ يوليو، فتحول الشارع ومعه الحى إلى مسرح مفتوح للضجيج بغير حد!
وهذه الأيام يجدون أنفسهم فى مواجهة رابعة بسبب مشروع إنشاء جراج على طول الشاطئ فى شارع سرايا الجزيرة.. وبدون مقدمات جاءت الجرافات تقتلع الأشجار من الشاطئ ليقام الجراج متعدد الطوابق فى المكان، وكأن المكان ليس فيه سكان من حقهم أن يكون لهم رأى فى الموضوع، وكأن الحكومة ليس من واجبها إطلاق حوار معهم باعتبارهم بنى آدمين يُقيمون فى الحى.
وقبل ساعات دعا عدد من أهل الزمالك إلى وقفة شارك فيها عمرو موسى، ونبيل فهمى، ومنير فخرى عبدالنور، ولم يشارك الثلاثة دفاعًا عن مصلحة خاصة، ولكنهم شاركوا دفاعًا عن صالح عام يخص كل قيمة جمالية فى الزمالك، وفى غير الزمالك بطبيعة الحال.. شارك الثلاثة ولسان حالهم يقول إن اضطهاد الزمالك بهذا الشكل يجب أن يتوقف، لأنه لا يوجد مبرر لتحويل الناس إلى خصوم للحكومة بهذه الطريقة.