بقلم - سليمان جودة
يقال عن الفيلسوف سقراط إنه أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض، وإن الفلسفة من قبل كانت خيالات مُعلقة فى الفضاء، ومن بعده صارت أفكارًا تجرى فيها الحياة بين الناس!.
وهذا ما سوف تجده فى الكلمات التى يقدم بها السيد عمرو موسى كتاب الدكتور حسام بدراوى الجديد: حوارات مع الشباب للجمهورية الجديدة.. وكان موسى قد لاحظ أن التليفزيون يضع عبارة «الجمهورية الجديدة» أعلى يسار الشاشة، وكانت خشيته أن يقع الظن لدى المشاهدين أن العبارة نوع من الترويج للعاصمة الإدارية الجديدة، أو أنها نوع من الدعاية للطرق الجديدة، ولم تكن هذا ولا ذاك طبعًا!.
وهو على طريقة سقراط يدعو فى مقدمته إلى أن إنزال العبارة من الشاشة إلى الأرض، لتكون «العبارة المفتاح» التى يدور حولها حوار جامع ينتهى إلى توافق وطنى على جوهر ومضمون فيها.. توافق وطنى من نوعية التوافقات الوطنية الكبرى التى حشدت المصريين من قبل على مشروع قومى كبير.. توافق وطنى يحظى بحماس المصريين وتلتقى عليه إرادتهم الفاعلة!.
وإذا كانت هذه هى النغمة التى عزفها موسى فى مقدمة الكتاب الصادر عن الدار المصرية- اللبنانية، فالدكتور بدراوى يذهب إلى عزف نغمة مختلفة فى فصول كتابه التسعة، ولكن على اللحن نفسه.. ولا يختلف الحال مع الوزير منير فخرى عبد النور، الذى يضع مقدمة ثانية، داعيًا فيها إلى جمهورية جديدة ترعى شبابها وتجهزه بما يصل بينه وبين العصر!.
ولست ألخص الكتاب هنا ولا أحاول إيجازه فى سطور، لأنه لا بديل عن أن يكون بين يديك، ولا بديل عن قراءته من الغلاف إلى الغلاف!.. ولكنك لو سألتنى عن أهم فصوله، فسوف لا أتردد فى أن أقول إنه الفصل الذى يحمل هذا العنوان: المعلم أساس تطوير التعليم!.
لماذا؟!.. لأنه لا ذهاب إلى مستقبل بغير معلم كفء يحقق المعايير الصحيحة للتعليم، ولأنك ستكتشف فى هذا الفصل أن هناك قرارًا بعدم تعيين خريجى كليات التربية فى المدارس، رغم العجز فى أعداد المدرسين الذى نعرفه ونراه.. قرار لا يستوعبه مؤلف الكتاب، ولن تستوعبه أنت أيضًا!.. وستكتشف أن هناك عداءً صامتًا بين وزارة التربية والتعليم وبين خريجى هذه الكليات، وستكتشف أنها كليات تواجه أزمة وجود لا أزمة تطوير!.
وإذا كان عمرو موسى قد دعا إلى إنزال الجمهورية الجديدة من الشاشة إلى الأرض، فانطلاقها لا بد أن يكون من عند التعليم عمومًا، ومن عند المدرس خصوصًا، لا لشىء، إلا لأن هذه هى منصة إطلاق الجمهوريات الجديدة فى أنحاء الأرض.. ولا منصة غيرها للإطلاق!.