بقلم - سليمان جودة
القرار الذى اتخذته سلطنة عُمان يدل على أن لدى العرب ما يفعلونه، إذا رغبوا فى وضع النقاط على الحروف لضبط العلاقة مع إسرائيل، بخلاف قوة الموقف المصرى وثباته فى دعم قضية فلسطين.
أما القرار فهو منع الطيران الإسرائيلى من العبور فى المجال الجوى العُمانى، وهو قرار سيضيف على خطوط الطيران الإسرائيلية أعباء اقتصادية كبيرة، لأن أى طائرة إسرائيلية متجهة إلى تايلاند، مثلًا، سيكون عليها بموجب القرار اتخاذ مسار آخر أبعد مما كانت تسلكه قبل هذا القرار، وسيكلفها ذلك الكثير من المال المُضاف.
وكان الطيران الإسرائيلى قد بدأ قبل ثمانية أشهر فى عبور الأجواء العُمانية، وكان ذلك بموجب اتفاق جرى التوقيع عليه من جانب البلدين.
ولكن الحكومة فى السلطنة لم تشأ أن تقف متفرجة وهى ترى ما تمارسه تل أبيب فى قطاع غزة من إجرام، فاتخذت قرارها الشجاع، وألغت أو جمدت الاتفاق الذى جرى توقيعه من قبل، ونبهت الحكومة فى الدولة العبرية إلى أن لدى حكومة السلطان هيثم بن طارق ما تستطيع أن تقدمه من واقع التزامها العربى تجاه قضية فلسطين.
وأهم ما فى القرار العُمانى أنه يقول إن سلاح البترول الذى جرى استخدامه فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ إذا كان يتعذر تفعيله هذه الأيام لأسباب كثيرة، فإن هناك بدائل له قوية وقادرة على أن تكون ذات تأثير مختلف على الأرض.
وكانت الحكومة فى مسقط قد أعلنت عند إطلاق ما يسمى اتفاقيات السلام الإبراهيمى أنها لن تنضم إليها، وأن عدم انضمامها لا يعنى بالتأكيد أنها ضد السلام.. فلقد كانت معه كمبدأ، وكانت ولاتزال تدعم كل جهد حقيقى نحو السلام، بشرط أن يكون سلامًا يحتوى على مضمون.
لا أحد يدعو العرب إلى خوض حرب مع إسرائيل، ولكنهم مدعوون إلى أن يستخدموا الأوراق الكثيرة التى فى أيديهم.. وليس القرار العُمانى سوى ورقة من بين أوراق، وكلها كفيلة بأن تجعل تل أبيب تلتزم حدودها.
وكفيلة بأن توجعها دون حرب ودون قتال.. والمؤكد أن هناك ما يمكن أن يوظف فى العلاقات مع إسرائيل ومع داعميها، وعندها ستفكر حكومة إسرائيل ألف مرة قبل الإقدام على ما ينال من أى عربى، وسيفكر داعموها قبل أن يقدموا إليها أى شىء.