لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

 العرب اليوم -

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة

بقلم - سليمان جودة

رغم أن ستة أشهر كاملة قد انقضت من بعد إطلاق «طوفان الأقصى» الذي قادته «كتائب عز الدين القسام» على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، ورغم أن الحرب التي أطلقتها إسرائيل على القطاع بسبب الطوفان قد دخلت شهرها السابع، فإن «طوفان الأقصى» في حد ذاته لا يزال محل خلاف بين مؤيد له وبين معترض عليه.

فهناك من يرى أنَّ الطوفان قد أعاد إحياء قضية فلسطين وجعلها في الصدارة بين الأولويات لدى الساسة في عواصم العالم الكبرى. وهناك في المقابل من يرى أن إثم الطوفان أكبر من نفعه، وأنه قد أعطى إسرائيل الفرصة لتدمير غزة، وقتل أهلها، كما لم تفعل من قبل على طول عمر القضية.

ولو أنت تتبعت وجهتَي النظر فسوف تجد أن كل وجهة نظر منهما لا تخلو من وجاهة، وأن صاحب كل وجهة من الوجهتين لديه ما يبرر اعتقاده ويسنده. ولكنك لو توقفت أمام التصويت الأخير للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، حول منح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، ستجد نفسك ميالاً إلى وجهة النظر الأولى.

وليس سراً أن عدد الدول الأعضاء في الجمعية 193 دولة، وأن عضويتها تختلف كلياً عن العضوية في مجلس الأمن الذي يضم في عضويته 15 دولة، من بينها خمس دول دائمة العضوية، وعشر دول تكتسب العضوية لعامين اثنين، ثم تأتي عشر دول أخرى في مكانها. ومن قبل، كان المجلس قد انعقد في 18 أبريل (نيسان) للتصويت على منح العضوية الكاملة لفلسطين، إلا أن الولايات المتحدة بادرت إلى إشهار سلاح «الڤيتو» فأفسدت التصويت!

فلما انعقدت الجمعية العامة كانت المفاجأة أن 143 دولة أيدت منح فلسطين العضوية الكاملة، بينما اعترضت تسع دول، وامتنعت 25 دولة عن التصويت. وهذه مفاجأة لا شك؛ لأنه لم يسبق أن حازت قضية فلسطين هذا العدد من الأصوات في مسألة العضوية الكاملة.

صحيح أن التصويت في مثل هذه الحالة رمزي أكثر من كونه تصويتاً ذا أثر على الأرض، ولكنه في وجه من الوجوه دليل على أن الطوفان قد نبه العالم إلى أنه مسؤول عن الوصول إلى حل في قضية سوف تظل تؤرقه، اسمها قضية فلسطين، وأن كل المسكنات والمهدئات التي دأب على علاج القضية بها لم تعد مجدية، ولن تكون مجدية في أي يوم، من هنا إلى أن تعي عواصم الأرض الكبرى هذا المعنى وتفهمه.

إنَّ ثلاثة أرباع العالم حشدت وراء منح فلسطين العضوية الكاملة، ولم يكن هذا ممكناً في مرحلة ما قبل الطوفان.

إنني أكاد أسمع أصواتاً تعترض وتقول إن علينا ألا ننسى أن الثمن كان -حتى الآن- ما يقرب من 40 ألفاً من الشهداء في القطاع، وإلى جوارهم ضعف هذا العدد تقريباً من المصابين، وهذا صحيح لا جدال فيه، ولكن منذ متى كانت القضايا من حجم قضية فلسطين تمضي إلى حلها العادل بغير ثمن فادح، وبغير تضحيات مؤلمة ومدفوعة مقدماً؟

إننا جميعاً نعرف من روايات التاريخ أن الجزائر دفعت مليوناً من الشهداء لطرد المحتل، وهناك روايات تقول إن العدد أكبر من ذلك، وسواء كان العدد مليوناً أو أكثر، فالثمن كان شديد الفداحة، ولكنه كان لا بد منه لقطع دابر المحتل.

وهكذا الحال مع كل دولة أخرى خضعت للاحتلال، ثم كان عليها أن تطرده وأن تنال استقلالها، لا لشيء، إلا لأنه لا يوجد طريق آخر.

يقال عن فلسطين دائماً إنها آخر أرض محتلة على وجه الأرض، وهذا صحيح، فلقد رحل الاحتلال من كل أرض إلا أرض فلسطين، وربما لهذا السبب يتشبث بها المحتل ويتمسك؛ لأنه لن يكون له وجود بعدها، ولهذا أيضاً تتعاظم التضحيات ويتصاعد عدد الذين دفعوا حياتهم ثمناً، فلم يحدث أن تحررت أرض دون ثمن.

طوفان الطبيعة لا يخلو من فوائد، وقد كان طوفان نوح -عليه السلام- أكبر طوفانات الطبيعة التي جرفت كل شيء في طريقها، وكذلك لا تخلو طوفانات السياسة من فوائد، وهذا ما نرصده في «طوفان الأقصى» إذا ما تطلعنا إليه في التقييم الأخير بالمعنى المشار إليه، ومع ما بين طوفان الطبيعة وطوفان السياسة من مسافة مفهومة بالضرورة.

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 06:15 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 06:04 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

GMT 06:00 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة لا يختلف طوفان السياسة عن طوفان الطبيعة



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:12 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
 العرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
 العرب اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 07:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 11:29 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

هجوم سيبراني يستهدف مواقع حكومية إسرائيلية

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الرجاء المغربي يخفض تذاكر مباريات دوري الأبطال

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.7 درجة يهز مقاطعة آنهوي شرقي الصين

GMT 18:31 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الإعلامية رضوى الشربيني تستقيل من قناة CBC سفرة

GMT 06:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

إصابة 5 إسرائيليين إثر قصف بلدة غرب كريات شمونة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab