بقلم - سليمان جودة
لابد أن مصر قد ألقت نظرة على الخريطة من حولها، ثم دعت إلى قمة دول الجوار مع السودان، التى انعقدت فى القاهرة ١٣ يوليو الجارى.
ذلك أن جوار السودان يضم سبع دول، هى مصر، وجنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا، وإفريقيا الوسطى، وتشاد، ثم ليبيا.. هذا بالطبع فى اللحظة الراهنة، أما فى لحظة سابقة فلقد كانت دول الجوار مع السودان أكثر عددًا.. كان ذلك قبل انفصال جنوب السودان عن الجسد السودانى فى ٢٠١١، وكانت كينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية من بين دول الجوار قبل ذلك العام.
ومن حُسن حظ الدولة أن يكون عدد جيرانها أقل، وليس أفضل حظًّا من الدولة، التى يتقلص عدد دول جوارها إلى اثنتين أو ثلاث.. وتكون الدولة أسعد وأسعد لو كانت على جوار مع دولة واحدة لا غير، ولا تزال البرتغال واحدة من هذه الدول لأنها لا جوار لها إلا مع إسبانيا.
ولأن السودان على جوار مع سبع دول، ولأن مصر فى المقدمة من هذه الدول، ولأن ما يربط القاهرة بالخرطوم تاريخيًّا ليس كما يربطها بأى عاصمة من عواصم الدول الست المتبقية، فلقد كان من الضرورى أن تكون المحروسة أشد الدول السبع قلقًا من الحرب فى السودان، وأن تعبر عن قلقها بشكل عملى، وأن يكون هذا الشكل العملى هو قمة دول الجوار.
ومن قبل كانت القاهرة قد أخذت النهج نفسه مع ليبيا، وكانت قد دعت إلى مؤتمر حضرته دول الجوار الليبى، وكان المؤتمر قد انعقد أكثر من مرة، وكان يتنقل بين دول الجوار مع ليبيا، وكانت القناعة أن هذه الدول هى المعنية بأمن ليبيا أكثر من غيرها، وأن ما يجرى فى الأراضى الليبية يفيض على دول الجوار معها أول ما يفيض.
ولم يكن لمصر مطمع فى ليبيا من قبل، ولا مطمح لها فى السودان هذه الأيام، وكان المطمع كله أن تستقر ليبيا وأن تتزن، ثم كان المطمح كله أن يهدأ السودان، وأن تسكن هذه العاصفة السودانية، التى تدخل اليوم شهرها الرابع على أرضه.
ومن قراءة بيان قمة دول الجوار، نفهم أن وزراء خارجية الدول السبع سيجتمعون فى تشاد سريعًا، وأن اجتماعهم بتكليف من القمة، وأن الهدف هو متابعة الأمر إلى نهايته، لعل الحرب فى السودان تضع أوزارها فى أقرب الأوقات.. وهذا معناه أن القمة ليست لقاءً انعقد ثم انقضى، ولكنها مسيرة تعتمد سياسة النَفَس الطويل وهى تتعامل مع هذه القضية المعقدة.