بقلم - سليمان جودة
لا معنى للزيارة التي قام بها إيلون ماسك إلى إسرائيل، ثالث أيام الهدنة بين الإسرائيليين وحماس، إلا أن ماسك الذي يملك منصة إكس «تويتر سابقًا» قد جاء يتطهر هنا في المنطقة!.
ففى منتصف نوفمبر كان قد واجه اتهامًا بأن منصته نشرت ما جرى اعتباره موقفًا ضد اليهود عمومًا، وضد إسرائيل خصوصًا.. ومن بعدها قامت الحرب عليه، وأعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، وعدد من أركان إدارته، أنهم جميعًا قد غادروا منصة إكس إلى منصة ثريدز التي تنافسها!.
ليس هذا وفقط.. ولكن شركات كبيرة من الشركات التي كانت تعطى إعلاناتها لإكس، أعلنت أنها قررت حجب هذه الإعلانات عنها.. وكان المعنى أن ماسك بدأ يواجه مواقف عقابية على المستوى السياسى، وعلى المستوى الافتصادى أيضًا، وأن الهدف هو تشديد الحصار حول المنصة التي يجلس على رأسها!.
وفى زحمة ما جرى من جانب ادارة بايدن، ومن جانب الشركات المعلنة الغاضبة، لم يكن هناك وقت لدى أحد يتأكد خلاله من أن أعضاء إدارة الرئيس الأمريكى على حق في مواقفهم، أو أن الشركات إياها محقة في قراراتها.
وبدا صاحب إكس وكأنه قد كفر وأن عليه أن يتوب، وأن التوبة لا بد أن تكون علنية وأن تكون على مرأى من الناس.
وقد جاء إلى إسرائيل ليتوب، ورافق بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، في جولة بين المستوطنات على حدود قطاع غزة، وكان كلاهما يرتدى سترة واقية من الرصاص، وكان نتنياهو يشير بيده هنا وهناك، بينما مرافقه يسمع وينصت ويقول: آمين!.
ومن بين المستوطنات قال ماسك إنه سوف يُتيح الإنترنت الفضائى «ستار لينك» لمنظمات الإغاثة المعترف بها دوليًا في غزة.. لقد أعلن ذلك رغم أنه رفض إتاحة الإنترنت نفسه طوال ٤٩ يومًا كان جيش الاحتلال خلالها يدك الغزاويين بكل الأسلحة، ولم يكن الاحتلال يمنع عنهم الإنترنت الأرضى فقط، ولكن كان يمنع عنهم كل أسباب الحياة.
ماسك التائب يملك شركة اسمها «سبيس إكس» ومن خلالها يستطيع توفير إنترنت فضائى ليكون بديلًا عن الإنترنت الأرضى الذي نعرفه، وقد سبق أن قام بتوفيره للأوكرانيين عندما دمرت روسيا شبكة الاتصالات على أرضهم، ولكنه رفض توفيره لإنقاذ الجرحى والمصابين والمشردين في أنحاء غزة كلها على مدى ٤٩ يومًا من الحرب!.. ولم يكن ذلك غريبًا ولا عجيبًا.. وفى سبيل التطهر كان مستعدًا لفعل أي شىء وكل شىء، وبصرف النظر عما إذا كان ما يفعله يجرده من الأخلاق، ومن الإنسانية، ومن الضمير الحى.. وحين دعاه أهل غزة إلى زيارتها رفض، وكأنه يأبى إلا أن يقف عاريًا من كل ما يمكن أن يستره.