بقلم: سليمان جودة
نشر الشاعر الكبير أحمد الشهاوى خطابًا من الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح تتضامن فيه بقوة مع الشيخة مى آل خليفة، رئيسة هيئة الثقافة والآثار فى البحرين!.
وكانت الشيخة مى قد ذهبت تشارك فى مراسم عزاء والد السفير الأمريكى فى المنامة، وكان السفير الإسرائيلى قد ذهب يشارك هو الآخر، فلما صادفته هى فى طريقها رفضت مصافحته، ففقدت منصبها الذى يوازى منصب وزير الثقافة!.
والقضية بهذا الشكل لها وجهان: وجه أول يقول إن الحكومة البحرينية أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل فى صيف السنة قبل الماضية، وأصبح لتل أبيب سفير فى البحرين، وصار من الوارد أن يلتقى السفير مع أى مسؤول بحرينى وأن يتصافح الاثنان، لا لأن بينهما من المودة ما يقضى بالمصافحة، ولكن لأن بين البلدين علاقات دبلوماسية معلنة، ولأن علاقات على هذا المستوى تقتضى أن يتصافح المسؤولون فى البلدين إذا التقوا!.
والوجه الثانى أن فى الموضوع ما هو أبعد من الرسميات، وأن من حق الشيخة مى على مستواها الشخصى أن تصافح مَنْ تشاء وألا تصافح من تريد.. فهذا حق شخصى لا مجال للنقاش فيه.. ولكن سوف يظل السؤال عما إذا كان رفض المصافحة من جانبها تعبيرًا عن قناعة شخصية لديها، أم أنه تعبير عن موقف رسمى منها، بحكم منصبها الذى كان يجعلها وزيرًا للثقافة!.
ولأن هذا هو منصبها قبل أن تفقده، ولأن هذه هى طبيعته.. فلقد كانت أقرب إلى وجدان الناس منها إلى أى شىء آخر، ولايزال وجدان الغالبية من الناس فى كل عاصمة عربية يرى أن الحكومة إذا شاءت أن تقيم علاقات مع إسرائيل، فهى حرة بالتأكيد فى أن تقيم هذه العلاقات، ولكن الناس أحرار أيضًا فيما يعتقدونه فى القضية فى المقابل!.
والمؤكد أن موقفها من السفير سوف يجد تضامنًا من الغالبية بين المواطنين العرب، وليس من الدكتورة سعاد الصباح وحدها!.. وهذا يدل على شىء لابد أن تنتبه إليه إسرائيل بكامل وعيها، هذا الشىء هو أن التطبيع بينها وبين أى حكومة فى أى عاصمة عربية لا يعنى بالضرورة تطبيعًا بينها وبين آحاد الناس فى هذه العاصمة!.
وقد تمنيت لو أن الشيخة مى صارحت السفير وهى ترفض مصافحته، فقالت: لا أصافحك حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.. تمنيت ذلك لسببين: أولهما أن تلتفت تل أبيب إلى أن هذا هو موقف الوجدان العربى فى عمومه، وثانيهما أن رفض المصافحة فى الحالة البحرينية ليس رفضًا من أجل الرفض فى حد ذاته، ولكنه رفض يعلن اعتراضه بأعلى صوت على سياسة إسرائيل فى المنطقة!.