بقلم: سليمان جودة
الرد على ما صدر عن ترامب فى موضوع القناة لا يزال ينحصر فى حدود الردود غير الرسمية الغاضبة، ولم يخرج شيء عن الحكومة يتعامل مع الرئيس الأمريكى بالطريقة الرسمية الواجبة.
صحيح أن الردود غير الرسمية الغاضبة مطلوبة، وصحيح أنها تكشف لترامب عن أن ما قاله يصطدم برفض شعبى يصل إلى حدود الإجماع، ولكن الرد الرسمى مطلوب أيضًا وضرورى، بمثل ما كانت الردود غير الرسمية مطلوبة وضرورية أيضًا. وعندما صدرت بعض الصحف خارج مصر فى اليوم التالى لتصريحات ترامب، قالت أن الحكومة فى القاهرة تجاهلت تصريحاته ولم تتوقف عندها.
ولا أعرف ما إذا كان التجاهل فى هذه الحالة مفيدًا أم لا؟ ولكن ما أعرفه أن الرئيس الأمريكى عندما كتب فى الموضوع على منصته الاجتماعية الخاصة، لم يحتفظ بالموضوع فى حدوده هو كرئيس للولايات المتحدة، ولكنه كلف وزير خارجيته ماركو روبيو بأن يتابع موضوع عبور السفن الأمريكية فى قناة السويس بالمجان، وأن يتم ذلك «على الفور» أى بغير أى تلكؤ أو انتظار!
وعندما ينقل هو القضية إلى وزير خارجيته، فمعنى هذا أنه ينقلها من مجرد تغريدة كتبها إلى مستوى رسمى فى وزارة الخارجية، التى لا بد أنها ستخاطب وزارة خارجيتنا، لأن ما طلبه ترامب يظل بمثابة التكليف للوزير روبيو.
لا أحد يدعو إلى صدام مع ساكن البيت الأبيض، ولا إلى رد حاد معه أو مع إدارته، فليس هذا مطلوبًا ولا مفيدًا للجانبين، ولكن الفكرة أن ما قاله يصطدم مباشرة باتفاقية القسطنطينية التى تحكم مرور السفن فى القناة، كما أن حديثه عن دور لبلاده فى وجود القناة يفتقر إلى الصحة لا إلى الدقة.. وهاتان النقطتان هما ما يتعين أن نضعهما أمامه وأمام إدارته بوضوح، وهدوء، وقوة معًا.
الردود غير الرسمية الغاضبة ظهرت منذ الوهلة الأولى، وأصابت هدفها ولا تزال، وكشفت للرئيس الأمريكى عن أن ما يتكلم فيه له صداه الشعبى المتأصل القوى، ثم يبقى بعد ذلك أن يفهم أن هذه الردود غير الرسمية الغاضبة تتلاقى مع رد رسمى يكملها، ويبنى عليها، ويغلق معها دائرة كاملة من الرفض على المستويين الرسمى وغير الرسمى.
الدبلوماسية قادرة فى هذه الحالة على أن تقول فتجرح بغير أن تُسيل دمًا، وبغير أن تصيب العلاقات بين البلدين بما هو غير مطلوب.