بقلم: سليمان جودة
فتح الرئيس السورى أحمد الشرع أبواب القصر الجمهورى أمام الجمهور لأداء صلاة العيد، وقالت وكالات الأنباء التى نقلت الخبر إن السوريين توافدوا على القصر لأداء الصلاة، ونقلت الوكالات صورا لحدائق القصر ممتلئة بالمُصلين، وقالت إن هذه أول مرة فى تاريخ سوريا يؤدى فيها السوريون صلاة العيد داخل أسوار قصر الحكم.
ولا بد أن السورى الذى قصد القصر لأداء الصلاة لم يكن يصدق نفسه، فمن قبل كان لا يجرؤ على المرور أمامه، فضلا عن أن يدخله أو يخوض فيه، ولكن الزمان دار دورته وأصبح القصر الجمهورى ساحة للصلاة.. ولا بد أيضا أن السورى نفسه كان يتأمل أرجاء المكان بإحدى عينيه ويصلى بالأخرى.. فهو لا يكاد يصدق أنه قائم يصلى مع غيره داخل القصر الذى اشتهر بأنه: قصر الشعب.
وقبل أيام كان القصر ذاته قد شهد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، وكانت الطريقة التى أدى بها أعضاء الحكومة اليمين مختلفة عن كل ما سبقها.. فكل وزير جديد كان يلقى كلمة مختصرة من فوق منصة، فإذا انتهى من كلمته نزل يؤدى اليمين أمام الرئيس الذى كان يجلس فى القاعة وسط حشد من الحاضرين.. وكان الرجل الذى يقدم الوزراء الجُدد وينادى أسماءهم قد نبه إلى أن الشرع هو وحده الذى سيقف أثناء أداء اليمين الدستورية أمامه، فإذا أداها الوزير انصرف وجلس الرئيس إلى أن يأتى وزير آخر فيقف من جديد.. وهكذا.. وهكذا.. أما صيغة اليمين فكانت جديدة ومختلفة عما عشنا نعرفه.. كانت تقول: أقسم بالله أن أؤدى مهمتى بأمانة وإخلاص.
كانت هكذا فقط، بلا «حفاظ على مصالح الشعب» كما عشنا نسمع.. وبلا «حفاظ على النظام الجمهورى» كما حفظنا الصيغة من طول ما سمعناها.
والذين ذهبوا إلى دمشق يعرفون أن جبل قاسيون يطل على العاصمة كما يطل المقطم على قاهرة المعز، وفى أيام بشار الأسد كان الجبل مغلقا أمام السوريين لأسباب أمنية، خصوصا فى أيام ما سُمى الربيع العربى وما بعدها.. ولكن الجبل انفتح أمامهم فى العيد وصلى كثيرون العيد فى ساحة الجندى المجهول فوق الجبل.
كل هذه الأشياء عن العيد، وعن الصلاة فى حديقة القصر، وعن اليمين الدستورية، تظل تفاصيل فى الموضوع رغم أهميتها.. فالسوريون إذا كانوا قد شاركوا الرئيس الشرع صلاة العيد، أو إذا كان هو قد شاركهم الصلاة، فهذا نوع من الشكل فى الأول وفى الآخر، لأن الأهم أن يشاركوه الحكم.