بقلم: سليمان جودة
طبيعى أن تكون المذكرات السياسية التى أصدرها مايك بومبيو محل اهتمام من جانب الإعلام فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى خارجها، ليس لأن صاحبها كان وزيرًا للخارجية فى إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، ولكن لأنه كان على رأس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية ذات يوم.
ورغم أن بومبيو اشتهر أكثر خلال الفترة التى قضاها على رأس الخارجية، فإن وجوده الأهم كان على قمة الجهاز الذى يشتهر بثلاثة حروف إنجليزية هى: C I A.
وقد قيل الكثير عن المذكرات وسوف يُقال، ولكن أحدًا لم يتوقف أمام حديث صاحبها عن اتفاقيات السلام، التى جرى توقيعها بين إسرائيل وأربع دول عربية خلال الأسابيع الأخيرة من حكم ترامب، والتى اشتهرت باتفاقيات السلام الإبراهيمى.
الدول الأربع كانت هى الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وكان الأمل لدى أعضاء إدارة ترامب، بمن فيهم مايك بومبيو طبعًا، أن يمتد توقيع الاتفاقيات إلى دول عربية أخرى، لولا أن الناخب الأمريكى قد جاء بإدارة بايدن فى مكان إدارة ترامب، فأصبحت الظروف مع الإدارة الجديدة غير الظروف.
ولكن المهم هو حديث بومبيو عن أن توقيع السودان على اتفاقيات السلام كان بمقابل، وأنه من وجهة النظر الأمريكية لم يكن من أجل السلام كسلام يستمر ويدوم، وأن هذا المقابل كان يتلخص فى رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، وأن الأمر نفسه كان قائمًا فى الحالة المغربية، وأن المقابل بالنسبة للمغرب كان يتلخص فى اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.
الغريب فى الأمر أن هذه الصحراء مغربية بالفعل، وأن الحكومة المغربية وصلت فى المرونة السياسية بشأنها إلى حد أنها قالت وتقول إن إقليم الصحراء يستطيع أن يتمتع بحكم ذاتى تحت سيادة المغرب.. ولا يختلف الأمر فى موضوع لائحة الإرهاب بالنسبة للسودان لأن وضعه على هذه اللائحة فى تسعينيات القرن الماضى كان ينطوى على التعسف من جانب الولايات المتحدة أكثر مما ينطوى على أى شىء آخر.
كان الظن أن إدارة ترامب دعت إلى توقيع اتفاقيات السلام الإبراهيمى لأنها تؤمن بالسلام باعتباره مبدأً لا بد أن يسود فى النهاية بين الشعوب، ولكن تبين أن إيمانها به كان باعتباره سلعة تُباع فى سوق السياسة وتُشترى.. يعترف رئيس المخابرات الأمريكية السابق بهذا صراحةً، ولا يجد فيه أى حرج.