بقلم - سليمان جودة
شىء وحيد سوف يوقف هذا السخف الذى يتكرر من وقت إلى آخر مع المصحف الشريف فى السويد، ثم يتكرر فى غيرها من دول أوروبا.. ذلك أن ردود الفعل على الجريمة التى ارتكبها متطرف فى العاصمة السويدية استوكهولم، فأحرق صفحات من المصحف أمام أكبر مساجدها، كانت ردود فعل مختلفة ومتنوعة، ولا بد أن اختلافها من مكان إلى مكان يدعونا إلى ما يجب أن ننتبه إليه.
تباينت ردود الفعل واختلفت فقرأنا عن إدانات تخرج عن وزارات الخارجية العربية والإسلامية، وكانت وزارة الخارجية المصرية فى المقدمة عندما أصدرت بيانًا شديدًا، وعندما حذر بيانها الحكومة فى السويد من عواقب ارتكاب وتكرار مثل هذه الجريمة فى حق القرآن الكريم.. وقرأنا عن بيان شديد اللهجة صدر عن اتحاد الناشرين العرب.. وسمعنا عن احتجاجات جماهيرية غاضبة فى العراق، وعن اقتحام مقر السفارة السويدية فى العاصمة بغداد، وعن غضب متصاعد فى عواصم أخرى بخلاف عاصمة الرشيد.
وتابعنا استدعاء عاصمة عربية سفيرها من السويد، وكان هذا الإجراء من جانبها أقوى طبعًا من الإدانات، ومن بيانات الشجب والرفض، ليس أبدًا لأن مثل هذه الإدانات والبيانات بلا قيمة، ولكن لأن التجربة تقول لنا إن تكرار الإدانات وبيانات الشجب والرفض لا يوقف تكرار الجريمة التى تتواصل فى حق القرآن دون رادع.. والأهم أنها تتواصل دون سبب ظاهر، لأنه لم يحدث أن أساءت أى حكومة عربية أو إسلامية إلى الحكومة السويدية مثلًا، ولا إلى شعب السويد فى العموم.
والشىء الوحيد الذى قصدته فى أول هذه السطور، هو ما أشار به الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، عندما خرج معلقًا على ما جرى فى السويد عند لحظته الأولى، فدعا إلى مقاطعة أى سلعة سويدية من جانب كل الدول العربية والإسلامية.
هذا وحده هو ما سوف يوقف الجرائم المتكررة فى حق كل مسلم، لأن المقاطعة على المستوى الاقتصادى موجعة ومؤثرة، ولأنها ليست بيانات شجب، أو رفض، أو استنكار، ولا هى حتى استدعاء للسفراء، وإنما هى فعل على الأرض يصل أثره إلى الحكومات فى أوروبا بشكل مباشر، ثم إلى مواطنيها ورعاياها بالدرجة ذاتها.
كل حكومة عربية مدعوة إلى الإنصات لدعوة شيخ الأزهر، وكل حكومة فى كل دولة إسلامية مدعوة إلى أن تسمع من الرجل، لا لشىء، إلا لأنه يتكلم فى القلب من الموضوع، ولا يضيع وقته فيما لا يجدى ولا يفيد.
وليس أغرب من أن الشاب سلوان موميكا الذى أحرق المصحف، قد عاد ليقول إنه سيكرر فعلته بعد عشرة أيام، رغم التهديدات التى وصلته ورغم ردود الفعل، وهذا معناه أن كل هذه الردود والتهديدات لم تقنعه بخطورة ما فعل.. ولكن حكومته سوف تسكته وتضعه حيث يجب أن يوضع، إذا أحست بمقاطعة حقيقية لمنتجاتها فى أسواقنا.