بقلم: سليمان جودة
بدأ الدكتور على عبد العزيز سليمان عمله فى البنك الدولى، مساعدًا للدكتور سعيد النجار، وقت أن كان يرحمه الله مديرًا تنفيذيًا فى البنك وممثلًا للمجموعة العربية فيه، ثم أنهى عمله مديرًا لمؤسسة دولية فى مدينة جدة كانت تعمل على تنمية القطاع الخاص!.
وما بين البنك الدولى والمؤسسة الدولية راح يتنقل من العمل الاستشارى، إلى العمل فى جُزر المالديف، إلى وزارة الاقتصاد وكيلًا لها مع الوزير يسرى مصطفى، ومن بعده الوزيرة نوال التطاوى!... وقد بدا له أن يجمع حصيلة المسيرة فى كتاب صدر عن المكتبة الأكاديمية تحت هذا العنون: مذكرات موظف عام.
وهو لم يعمل مع الدكتور النجار وفقط، ولكنه من قبل كان قد درس على يديه فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكان أول دفعته فى الكلية بعد أن تعلم على أيدى أساتذة من وزن الدكتور النجار، بدءًا من الدكتور زكى شافعى، ومرورًا بالدكتور حامد ربيع، وانتهاءً بالدكتور رفعت المحجوب.. ومن بعد هؤلاء الثلاثة آخرون كبار جاءوا فى الكتاب اسمًا من وراء اسم!.
كانت البداية العملية للدكتور عبد العزيز مع البنك الدولى، الذى يعمل مع الحكومات، وكان الختام مع المؤسسة الدولية التى تعمل على تشجيع القطاع الخاص.. فكأن لسان حاله وهو يختتم سلسلة وظائفه مع تلك المؤسسة على شاطئ البحر الأحمر، كان يرفع شعارًا يقول: البقاء للقطاع الخاص!.
وقد تمنيت لو أنه أعطى تجربته مع القطاع الخاص مساحة أكبر فى كتاب مذكراته.. تمنيت ذلك لسببين أولهما أنها تجربة مختلفة فى حياته عما سبقها، والثانى أن الحكومة أحوج ما تكون هذه الأيام إلى الاستفادة من تفاصيل تجربة كهذه أساسها الدفع بالقطاع الخاص خطوات إلى الأمام!.
فالحكومة تعمل على صياغة ما تسميه «وثيقة سياسة ملكية الدولة» وتقول إنها ستصدرها بعد إجازة العيد، وهى وثيقة تقوم على عدد من المحاور، وربما يكون المحور الأهم فيها هو الذى يتحدث عن تمكين القطاع الخاص.. وتمكينه لن يكون بمجرد إصدار وثيقة بهذا المسمى، ولا بمجرد تخصيص محور له فى هذه الوثيقة، ولكنه سيكون بإعطائه مساحة أوسع فى الحركة، ثم تمهيد الطريق أمامه، والتعامل معه على أساس أن الدولة شريكة له فى أرباحه، وليس على أساس أنها تنافسه!.
كل مائة جنيه يكسبها القطاع الخاص تحصل الحكومة على عشرين منها وربما أكثر، دون أن تتكلف شيئًا ودون أن يكون لها دخل بخسائره إذا أصابته أى خسائر!... وهذه هى الأرضية التى لا بد أن تقوم عليها علاقة الدولة بقطاعها الخاص.. فلا علاقة منتجة بين الدولة وبين هذا القطاع، إلا فى وجود فلسفة واضحة ومعلنة تحكمها!.