منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين

منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين!

منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين!

 العرب اليوم -

منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين

بقلم - سليمان جودة

عاد منتدى أصيلة الثقافي الدولي يستأنف نشاطه من جديد هذه السنة، بعد أن كان قد احتجب السنة الماضية تحت وطأة الوباء، وبعد أن صرنا في عالم ليس هو العالم الذي عشنا نعرفه!ولأن المنتدى كان يحرص منذ أن خرج إلى النور قبل عقود أربعة من الزمان، على أن يتحرك فوق أرضية مغربية عربية دولية مشتركة، فإنه لم يشأ أن ينحرف عن مساره العام الذي حدده لنفسه منذ البداية، والذي مضى يخطو خطواته فيه إلى غاية لا تتوه عن عينيه على طول الطريق. وقد كانت الملفات التي عاد بها على طاولته تشير إلى هذا بما يكفي وربما يزيد!
عاد وفي يديه ثلاثة ملفات يضعها أمام ضيوفه من الباحثين عن إجابة مسعفة في كل ملف على حدة. عاد داعياً كل واحد من الضيوف إلى مجاله الذي يعرف دقائقه، وميدانه الذي يجيد الحركة في أرجائه وأركانه. عاد المنتدى يضع حصيلته من النقاش والحوار أمام صانع القرار العربي، لعله يلتفت إلى أن أمامنا كعرب من التحديات الماثلة في طريقنا ما يدعو إلى الاحتشاد لها بكل قوة ممكنة.
ويمكنك القول بأنه عاد وفي يده دعوة مهمة للغاية أطلقها من فوق منصته، وإلى جوارها سؤالان لا بديل عن طرحهما أملاً في الحصول على إجابة تكون شافية. أما الدعوة فهي أن دول المغرب العربي لا بد أن تذهب إلى شراكة حتمية مع دول الساحل والصحراء. لا بد، لأن روابط التاريخ في التداخل والاندماج على الحدود بين الفريقين تفرض هذه الشراكة، ولا بد لأن مخاطر الحاضر الكامنة وراء كل أفق، تجعل من شراكة كهذه فرض عين على كل دولة. والمعنى أن قيام أي دولة من هذه الدول بمسؤوليتها في شأن الشراكة الواجبة، لا يعفي باقي الدول مما يجب أن تنهض به في مكانها وفي محيطها، ولا يبرر استثناء دولة منها من القيام بما يتعين أن تقوم به ضماناً لمستقبل أبنائها، إذا فاتها أن تستجيب للحاضر بكل ما يقدمه، ويتكشف عنه، ويدعو إليه.
وأما السؤال الأول الذي عاد المنتدى هذه السنة يحمله في يده فهو كالتالي: أي مستقبل للديمقراطية الانتخابية؟!... وهو سؤال ستراه معلقاً بلا إجابة في أكثر من تجربة سياسية حولك، وعلى مستوى أكثر من عملية انتخابية جرت أو تجري على مرأى منك في المنطقة وفيما حولها.
ولا يكاد السؤال الثاني يبتعد عن الأول حين يقول الآتي: العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة... العروبة إلى أين؟!
وليس من الممكن أن نتعرض للدعوة التي يطلقها المنتدى ومعها السؤالان في هذه المساحة معاً، ولا سبيل سوى الاختيار بينها الثلاثة، وعندما كان عليّ أن أختار في هذه السطور، فإنني قفزت فوق السؤالين ليس لأنهما على قدر من الأهمية قليلٍ، وإنما لأني أرى الخاص بنا في منطقة المغرب والساحل والصحراء، متقدماً بطبيعته على العام الذي يضم المنطقة مع غيرها من المناطق في العالم. وقد اخترت أن أتوقف أمام الشراكة الحتمية بين دول المغرب ودول الساحل والصحراء كفريضة غائبة، ليس فقط لأن ملفها كان هو ملف المفتتح في المنتدى، وإنما لأنها قضية جديدة تماماً عند الحديث عنها من هذه الزاوية بين زوايا المعالجة.
فلقد عشنا نرى دول المغرب تبدأ من ليبيا شرقاً، ثم تمر من تونس والجزائر وصولاً إلى المغرب على شاطئ الأطلسي، الذي لما وصل العرب المسلمون إلى شاطئه في فتوحاتهم القديمة ظنوه آخر العالم، فقالوا إنه لا حياة بعده ولا بشر وأطلقوا عليه بحر الظلمات!
وعشنا نعرف أن دول الساحل والصحراء تبدأ من تشاد شرقاً، ثم تمر في النيجر، ومن بعدها مالي، وأخيراً تضم بوركينا فاسو وموريتانيا.
وقد كان بيننا دائماً مَنْ يضع موريتانيا مع دول المغرب العربي، ولا يراها في تجمع الساحل والصحراء، وليس لهذا من معنى سوى أن الفضاء بين المجموعتين من هذه الدول هو فضاء إقليمي متكامل، وأن ما يتحدث عنه المنتدى من الشراكة الحتمية بينها هو حديث عن جسد واحد لا يمكن أن يحيا حياته الطبيعية، إلا إذا تواصلت أعضاؤه، وإلا إذا جرى الدم في شرايينه بلا عائق يمنع، ولا حاجب يقف في الطريق، ولا فاصل يقطع بين ما وصلته الطبيعة وقضت به طبائع الأشياء!
وقد كان الوزير محمد بن عيسى، الأمين العام للمنتدى، أميناً بالقدر الكافي مع نفسه، ومع بلده، ومع إقليمه، ومع فضائه العربي الأفريقي الذي يتنفس هواءه، عندما بادر أولاً فانتقى هذه القضية ووضعها على جدول أعمال منتداه، ثم ثانياً حين اختارها مفتتحاً في المنتدي لا تنافسها قضية أخرى، وأخيراً حين أحصى التحديات التي تقف ماثلة أمام الجميع فرآها أربعة لا خامس لها: تحديات أمنية، وأخرى استراتيجية، وثالثة سياسية مؤسسية، ورابعة اقتصادية.
وهذه تحديات شرحها يطول، وقد دار حولها كلام كثير في أروقة المنتدى وقاعاته، وأظن أن تغطيات الإعلام الصحافية قد نقلت ما قيل أو بعضه، إلى كل متلقٍ يتابع ما يجري حوله في الإقليم وفي العالم، وأظن كذلك أن عناوين التحديات الأربعة تشير إلى ما يمكن أن يندرج تحتها من تفاصيل.
ومن سنوات عشر تقريباً كان اتحاد إقليمي قد نشأ بين دول جنوب البحر المتوسط، وبين دول شماله الأوروبي، وكان اسمه ولا يزال الاتحاد من أجل المتوسط، وكانت رئاسته في البداية مصرية فرنسية مشتركة، وكانت دول المغرب في القلب منه بحكم إطلالتها على البحر.
كان الاتحاد فكرة أطلقها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، وكانت له أهداف معلنة وأخرى خفية جرى تخمينها في وقتها، أو جرى الكشف عن بعضها في مناسبات لاحقة مرة ثانية، وفي المرتين كان الاتحاد يجمع دول الشمال والجنوب على البحر، وحين غارت ألمانيا من وجود فرنسا على رأسه، فإنها لم يهدأ لها بال حتى أصبحت تتمتع بالعضوية الكاملة فيه!
وبصرف النظر عما يمكن أن يجلبه هذا الاتحاد من فائدة على الدول الأعضاء، وهي فائدة لو لم تكن متحققة ما كان الاتحاد قد استمر كياناً يجمع أعضاءه في برشلونة، فإن سؤال المغرب والساحل في «أصيلة» يجعل الدول في المغرب العربي تتساءل عن حجم ما جاءها من فائدة من الشمال، ثم يجعلها تتساءل في المقابل عن مدى الخطر الذي قد يجيء من دول الساحل الخمس في الجنوب!
الاتحاد من أجل المتوسط كان ضرورة فرضتها فرص التعاون بين أعضائه في نهاية العقد الأول من هذا القرن، ولكن العقد الثاني لم يشأ أن ينصرف، إلا وقد لفت دول المغرب إلى أن ما تحصل عليه من عائد في هذا الاتحاد، لا يجوز أن يُلهيها عن خطر زاحف يطل برأسه في دول الساحل والصحراء.
دول المغرب العربي تقف في هذه اللحظة، بين تجمع قائم اسمه الاتحاد من أجل المتوسط في شمالها يغريها بمزايا العضوية فيه، وبين تجمع غائب في جنوبها من المفترض أن يكون اسمه الاتحاد من أجل الجنوب، وهو يدعوها إلى أن تتوقى الأخطار التي ستتفجر حولها وربما على أرضها إذا طال به الغياب!
وليس في دول المغرب هذه الأيام ما هو أخطر من ليبيا، ولا في دول الساحل ما هو أخطر من مالي، فكلتاهما بؤرتان ملتهبتان ومغريتان لأطراف غريبة تأتي لهدف، وما لم تنجح دول المغرب والساحل في تطويق الوضع في الدولتين، فالله وحده أعلم بما قد يصيب الإقليم كله من ساحل البحر الأحمر في الشرق إلى شاطئ الأطلسي في أقصى الغرب!

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين منتدى أصيلة يُطلق دعوة ويتبنى سؤالين



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 04:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط
 العرب اليوم - 3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab