بقلم - سليمان جودة
قبل أيام من توزيع جائزة نوبل في ١٠ ديسمبر الماضى، أعلنت لجنة الجائزة في السويد أن جائزتها للسلام هي وحدها التي سيتم تسليمها حضوريًا.. أما بقية الفروع في الطب، والفيزياء، والكيمياء، والاقتصاد، والأدب، فلقد جرى توزيعها افتراضيًا بسبب ظروف كورونا التي خيمت وقتها على العالم!.
وكان الصحفى الروسى ديمترى موراتوف قد فاز بالجائزة في السلام، وكانت الصحفية الفلبينية ماريا ريسا قد شاركته الفوز بالمناصفة!.. وكلاهما كان يدافع عن حرية الكلمة باعتبارها قيمة لا تؤدى الصحافة دورها بغيرها، ولذلك استحق الاثنان هذه الجائزة الأرفع عن جدارة!.
وفى هذه الأيام عاد اسم ديمترى إلى الظهور من جديد، وكانت المناسبة أن وكالة رويترز للأخبار نقلت عنه قراره بيع ميدالية نوبل التي حصل عليها في مزاد، وأنه سيتبرع بثمنها لصالح اللاجئين الأوكرانيين الذين تشردوا في أنحاء الأرض بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.. وقال أيضًا إنه سيجعل من بيع الميدالية بداية لحملة من التبرع من أجل هؤلاء اللاجئين!.
ولم يكن ديمترى حالة فريدة من نوعها.. فالممثلة الروسية الشهيرة شولبان خماتوفا قررت الانتقال من روسيا للإقامة في لاتڤيا على الحدود الروسية الغربية، وقالت بعد انتقالها إنها تحب بلدها روسيا بالتأكيد، ولكنها لا تستطيع أن ترى ما يجرى ارتكابه في حق الأوكرانيين الأبرياء ثم تقف ساكتة!.
وهناك أسماء روسية أخرى إلى جوار صاحب نوبل في الصحافة، والنجمة خماتوفا، ولكنهما أبرز هذه الأسماء التي رأت أن عليها مسؤولية إنسانية لا يمكن أن تتخلى عنها!.
وإذا كان ألفريد نوبل قد أسس الجائزة قبل وفاته ١٨٩٦، وأراد بها أن يكفر عن ذنبه يوم اخترع الديناميت، وأن تكافئ جائزته في كل سنة إنسانًا شجع السلام بين الناس، فالمؤكد أن موراتوف حقق هذا الهدف، ليس فقط قبل فوزه بالجائزة، وإنما بعدها بالدرجة نفسها!.
ولا بد أن هذا الموقف سيجعل الرئيس الروسى بوتين يشعر بحجم ما ترتكبه قواته في حق أبرياء أوكرانيين لا ذنب لهم في شىء، ولا بد أن الأحرار وأصحاب الضمائر في هذا العالم يشعرون في وجود رجال من نوعية موراتوف بشىء من الونس!.