بقلم - سليمان جودة
كلما قطعت القوات الروسية خطوة جديدة فى غزو الأراضى الأوكرانية، اكتشف الرئيس الروسى بوتين أنه يواجه عقوبات جديدة من جانب واشنطن والعواصم الحليفة لها!.ورغم أن كل طرف من الطرفين المتصارعين يحرص على أن يترك للطرف الآخر بابًا للخروج، فإن موسكو لا تستيقظ فى كل صباح إلا وتكتشف أن قائمة العقوبات عليها زادت عقوبة اقتصادية مضافة!.
ولا تزال مساحة الحركة أمام بوتين منحصرة فى مساحة أوكرانيا وحدها، ولكن الرئيس الأمريكى فى المقابل يتحرك على مساحة تشمل العالم كله تقريبًا.. فعندما حاصر روسيا فى مجلس الأمن نجا الروس من باب حق الڤيتو الشهير!.
وقد كان هذا متوقعًا بالتأكيد.. غير أن واشنطن لم تيأس وعادت تحشد العالم داخل منظمة الأمم المتحدة نفسها، ولكن الحشد فى هذه المرة كان عن طريق الجمعية العامة للمنظمة، ولم يكن عن طريق مجلس الأمن، فالمجلس سيبقى بابًا مغلقًا بسبب سلاح الڤيتو، الذى ستُشهره موسكو فى كل مرة تجد نفسها واقفة فى مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها!.
وفى الجمعية العامة، وقفت ١٤١ دولة ضد روسيا، من إجمالى ١٩٣ دولة هى الدول الأعضاء فى الجمعية، ولم تقف مع موسكو من ٢٢ دولة عربية سوى سوريا.. وكان معنى هذه الأرقام داخل الجمعية العامة أن الروس يواجهون حالة من العزلة الدولية لم يحدث أن واجهوها من قبل!.
ورغم ذلك.. فليس مشهد العزلة الروسية فى الأمم المتحدة هو مشهد الختام لأنه من الواضح أن فى جيب الغرب فى مواجهة روسيا الكثير من الأوراق العقابية الجاهزة.. فعواصم الغرب لا تكاد تستعمل ورقة وتنتهى منها، حتى تفاجئ صانع القرار فى الكرملين بورقة مختلفة لم تكن فى الحسبان!.. وفى كل مرة يبدو الرئيس الروسى محصورًا فى ركن ضيق، ولكنه على سبيل الدعم المعنوى لشعبه وقواته الغازية يحرص على الظهور متماسكًا وقادرًا على مواصلة المواجهة!.
وهو لا يستولى على متر جديد من أرض أوكرانيا، إلا ويُفاجأ بأن لهذا المتر ثمنًا مدفوعًا من اللحم الحى لاقتصاد بلاده.. وهكذا يمضى الطرفان فى ممارسة لعبة عض الأصابع المعروفة، وهى لعبة أساسها أن طرفيها يضغطان على بعضهما البعض فى انتظار من يقول: «آه» أولًا!.