بقلم - سليمان جودة
يعرف القانون ما يسمى القتل الخطأ، ويفرق دائمًا بينه وبين القتل العمد، ويتعامل مع الشخص المتهم في الحالة الأولى بطريقة تختلف كليًّا عن الشخص المتهم في الحالة الثانية!.. والسبب أوضح من أن يتم شرحه.. السبب أننا نكون أمام شخصين: واحد قصد أن يفعل كذا، وآخر لم يقصد على الإطلاق!.
هذا بالضبط ما سوف تكتشفه إذا ما انتقلت من عالم القانون إلى دنيا الصحافة، لتتأمل ما قيل على هامش الخبر الخطأ الذي نشرته «المصرى اليوم»، قبل يومين، وأثار من الصخب ما أثار!.. لقد اعتذرت الجريدة بالخط العريض، في صدر صفحتها الأولى، وقالت في اعتذارها إنها اتخذت من الإجراءات الداخلية ما يضمن عقاب المخطئ، وعدم تكرار ما وقع مرةً أخرى!.
إلى هنا كان يجب أن تنتهى القضية برمتها، وإلى هنا كان يتعين أن نطوى الصفحة، وأن ننتقل إلى ما يملأ أيامنا من القضايا الحياتية وهى كثيرة.. ولكنك ستكتشف أن بيننا أشخاصًا لا يريدون هذا الانتقال، ولا يرغبون في طَىّ هذه الصفحة، ويحبون الوقوف عندها، وتضخيمها، وتحميلها بما لا تحتمل!.
تكتشف أن بيننا مَن يضع الخبر المنشور ضمن مؤامرة كونية كبرى، وتكتشف أن هناك مَن يصمم على التفتيش في النوايا نفسها، بحيث يتحول ما جرى من خبر تم نشره بطريق الخطأ بالفعل إلى خبر نُشر بتدبير، وبتخطيط، وبقصد، وعن عمد!!.
هنا نجد أنفسنا أمام حالة محزنة من التربص، ونجد أنفسنا إزاء وضع مؤلم يتمنى لك الآخرون فيه الخطأ، بدلًا من أن تتسع صدورهم فيغفروا لك خطأ لم تقصده، ولم تتعمده، ولم تخطط له من وراء ستار!!.. حالة من التربص عجيبة يمكن رصدها بسهولة في الموضوع.. حالة تقول إن الغرض مرض!.
إننى لا أريد أن أتوقف عند الموقف الإيجابى لهذه الجريدة تجاه قضية الوحدة الوطنية في مجملها، ولا أحب أن أحصى عدد الإخوة الأقباط الذين تفرد لهم صفحاتها عن إيمان، وعن يقين، وعن اقتناع، ولا أريد أن ألفت الانتباه إلى أنها كانت على الدوام في المقدمة إذا ما تعلق الأمر بأى قضية وطنية!.
لا أريد هذا كله.. لأنه مكتوب، ومرصود، ومسجل بالحبر على الصفحات، ومُوزَّع على مر الأيام، وأوضح من شمس أغسطس في مكانه.. ولكنى أريد أن أقول إن التربص في بعض الكتابات التي تتعرض للموضوع لابد أن يتوقف لأنه مكشوف ولأنه لا يليق!.