بقلم - سليمان جودة
ما أشبه الأمس ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ بيوم ٢ أغسطس ١٩٩٠ عندما غزا صدام حسين أرض الكويت، وعبرت قواته الحدود بين البلدين إلى داخل الأراضى الكويتية!بالطبع.. هناك فرق بين أزمة إقليمية نتجت عن الغزو العراقى، وبين أزمة عالمية بدأت فى اللحظة التى عبرت فيها قوات الرئيس الروسى حدود بلاده مع أوكرانيا.. هناك فرق فى عدد من الوجوه.. ولكن الثابت أن حال الإقليم فى أرض العرب فى مرحلة ما بعد غزو الكويت ليس هو حاله فى مرحلة ما بعد الغزو!
ونحن نذكر أن دخول قوات صدام إلى الكويت فى ذلك اليوم كان مسألة سهلة، ولكن خروجه كان هو المشكلة، وإذا كان عبور قواته الحدود قد استغرق ساعات لا أكثر، فخروجها استغرق شهورًا، وكانت تكلفته مدمرة ليس على مستوى العراق وحده، وإنما على امتداد أرض العرب كلها!.. ولا أدَلَّ على ذلك من أن العراق الذى أجرى انتخاباته البرلمانية فى أكتوبر الماضى يقف عاجزًا إلى هذه اللحظة عن تشكيل حكومة جديدة!
لك أن تحسب تداعيات الغزو العراقى فى المنطقة، ثم تضربها فى عشرة لتتعرف على تداعيات الغزو الروسى الذى عبر الحدود إلى دولة عضو فى منظمة الأمم المتحدة.. إن عضويتها تعنى أنها ذات سيادة باعتراف ١٩٣ دولة هى الدول الأعضاء فى المنظمة!
ومن بين الفروق الأساسية بين الغزوين العراقى والروسى أن روسيا عضو دائم فى مجلس الأمن، الذى يمثل أقوى أجهزة الأمم المتحدة.. ومعنى عضويتها فيه أن كل قرار يفكر فيه المجلس تجاه غزو أرض أوكرانيا سوف يوقفه ڤيتو من جانب المندوب الروسى فى مجلس الأمن.. وسوف تكون الصين جاهزة بڤيتو مماثل، باعتبارها عضوًا دائمًا هى الأخرى، وسوف تفعل الصين ذلك كرهًا فى الولايات المتحدة لا حبًا فى روسيا!
وإذا كان المجلس يضم خمسة أعضاء دائمين، فالخريطة فى داخله ستكون كالتالى: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فى جانب، والصين وروسيا فى جانب آخر، وسيكون المجلس عاجزًا عن فعل أى شىء حيال هذا الغزو الروسى لأن أى ڤيتو واحد فى داخله كفيل بتحويل باقى الأصوات الأربعة إلى لا شىء!
ولذلك.. فمعركة واشنطن وحلفائها سوف تبتعد عن مجلس الأمن، رغم أنه كان الملعب الأول فى كل الأزمات الدولية تقريبًا، غير أن امتلاك موسكو حق الڤيتو فيه يجعله فى موضوع أوكرانيا أسدًا منزوع الأنياب!.