بقلم: سليمان جودة
لا بد أن حديث الرئيس الأمريكى ترامب عن نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر سوف يشغل الناس فى المنطقة، وسوف يغطى على كل ما سواه إلى مدى لا يعلمه إلا الله.
حديث الرجل بهذا الشأن يبدو غامضًا وفضفاضًا وحمّال أوجه لأن وكالات الأنباء التى نقلت عنه النبأ تقول مرة إنه يتحدث عن نقل المزيد من أبناء غزة، ثم تقول مرة أخرى إنه يتكلم عن نقل الغزاويين.. وهناك فرق بين الصياغتين.. ففى حالة الكلام عن نقل المزيد، فإن المعنى أن هناك أعدادًا تم نقلها من قبل وأن ترامب سيضيف إليهم.. وفى حالة الحديث عن نقل الغزاويين بالإجمال دون ذكر كلمة «المزيد» فالكلام يصبح عن مليون ونصف المليون غزاوى أو أكثر، وهذا يعنى تهجيرًا كان محل رفض كامل منذ بدء الحرب على غزة ولا يزال وسوف يظل.
لم يكن الرفض من جانب المصريين وحدهم، ولا من ناحية الأردنيين وحدهم أيضًا، ولكن الرفض كان من الفلسطينيين أنفسهم.. وهذا ما لم تنتبه إليه إدارة ترامب، أو لعلها انتبهت ثم تعامت عن الموضوع بقصد!.
ترامب من ناحيته قال إنه تحدث إلى ملك الأردن فى الأمر، وإنه سيتحدث إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولم يذكر شيئًا عن رد ملك الأردن عبدالله الثانى، ولا عما إذا كان الفلسطينيون فى الضفة الغربية هُم المقصودين فى حالة الأردن أم الفلسطينيون فى القطاع؟.. وكان أيمن الصفدى، وزير الخارجية الأردنى، قد قال صراحةً فى بدء الحرب إن أى محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن هى بمثابة إعلان حرب على بلاده.
وكانت الوكالات التى بثت حديث ترامب قد قالت إنه لقى ترحيبًا من إسرائيل.. وقد سارع إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومى الإسرائيلى، إلى الترحيب باقتراح الرئيس الأمريكى، ثم أشاد به كما لم يفعل أى مسؤول فى حكومة التطرف فى تل أبيب.
ترامب يبدو فيما يقوله كَمَن خرج يعلن على الناس تزويج فلانة العروس لفلان العريس دون أن يكلف خاطره فيسأل العروس عن رأيها.. ولو كلف الرئيس الأمريكى خاطره وسأل العروس فى غزة فسوف يكون جوابها الرفض الذى لا يقبل النقاش.. إن الرئيس الأمريكى يقول إنه يدرس اقتراحًا بكذا، وبما أن هذا هو رأى العروس صاحبة الشأن فيما يعلنه، فالأفضل أن يوفر وقته وجهده ويغلق هذا الباب.