بقلم - سليمان جودة
جودة الأرقام التى تقال عن عائد بيع الشهادات التى تعطى فائدة ١٨ ٪ فى البنك الأهلى وبنك مصر يجب أن توضع فى إطارها الصحيح!. لقد قيل إن البنكين باعا شهادات فى أول يومين من طرحها بمبلغ وصل إلى ٥١ مليار جنيه، ثم قيل إن هذا الرقم وصل بعدها إلى ما فوق المائة مليار، ومن الوارد طبعًا أن يزيد ويزيد.. وزيادته لا شىء فيها، بل هى شىء جيد فى اتجاه محاربة ارتفاعات الأسعار بتقليل الكاش فى يد المواطن!.
ولكن السؤال الذى على الحكومة أن تجيب عنه بينها وبين نفسها على الأقل هو كالتالى: هذه المليارات من أين جاءت؟!.. فالإجابة عن هذا السؤال لا بد منها، حتى لا توضع صورة خادعة عن أحوال الناس أمام صانع القرار فى البلد!. إن الطريق إلى البحث عن إجابة للسؤال سيكشف عن أن الخمسين مليارًا الأولى جاءت من داخل البنكين لا من خارجهما، وأن كثيرين من المواطنين الذين يملكون شهادات قديمة مربوطة داخل البنك الأهلى وبنك مصر كسروها، ثم أعادوا ربطها بالفائدة الجديدة.. فكأن كل بنك منهما نقل هذه المبالغ التى باع بها الشهادات من خزينة إلى خزينة أخرى داخل مبناه!. هذه واحدة.. والثانية أن ارتفاع عائد بيع الشهادات فى الأيام التالية، كان لأن مواطنين نقلوا أموالهم من بنوك أخرى إلى البنك الأهلى وبنك مصر، وكان ذلك جريًا منهم وراء نسبة الفائدة المرتفعة التى تتميز بها الشهادات الجديدة، وهى نسبة لا مثيل لها فى أى بنك سوى البنكين!. ولا أحد بالطبع يملك أن يلوم مواطنًا يلجأ إلى نقل مدخراته من بنك يعطى فائدة أقل إلى بنك يعطى فائدة أعلى، فالمواطن الذى يفعل هذا لا يخالف القانون، ولكنه يتصرف بما يحقق صالحه، وبما يضمن له دخلًا أكبر من وراء مدخراته.. بل إن رغبة مواطنين كثيرين فى الاستفادة من نسبة الفائدة الجديدة ألجأتهم إلى بعض الحيل التى يعرفها رجال البنوك!. السؤال مرةً أخرى هو: كم من هذه المليارات جاء من داخل الجهاز المصرفى نفسه، وكم منها جاء من خارج الجهاز؟!.. الإجابة الأمينة عن السؤال مطلوبة حتى لا تتصور الحكومة أن هذه أموال جاءت من البيوت، أو من تحت البلاطة كما يقال، وأن الناس فى غالبيتها مرتاحة وحالتها رائجة، وأنه لا مشكلة مادية يعانى منها آحاد وبسطاء الناس!.