المسحراتى العقيد

المسحراتى العقيد

المسحراتى العقيد

 العرب اليوم -

المسحراتى العقيد

بقلم: سليمان جودة

إذا جاء رمضان جاء المسحراتى معه، ورغم أن سهرات شهر الصيام أفرغت مهمته من ضرورتها، إلا أنه لا يزال من روائح الشهر ولوازمه.ففى زمن سابق كان النيام يستيقظون على ضربات الطبلة بين يدى المسحراتى، وكان الصائمون ينامون في ليل رمضان مرتين: مرة قبل السحور، ومرة بعد أن يتناولوه إذا استيقظوا.. ولكن ذلك كان قبل أن ينقلب ليل الشهر إلى سهر حتى الفجر، وقبل أن يكتشف المسحراتى وهو يدور من شارع إلى شارع، أن الذين ذهب يوقظهم لم يناموا أصلًا، وأنهم يتطلعون إليه وهو يؤدى عمله في دهشة، وكأنهم ينظرون إلى شىء من الماضى البعيد!.

وقد جاء وقت على العقيد القذافى كتب فيه قصة بعنوان «المسحراتى ظُهرًا» ثم نشرها في مجموعته القصصية التي كانت تحمل أطول العناوين.. كان عنوانها: القرية القرية الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء!.

ولا يمكن أن تجد رواية أو قصة عنوانها من سبع كلمات.. ولكن القذافى الأديب فعلها، ولم تكن غريبة عليه بالتأكيد، لا لشىء إلا لأن القذافى السياسى لم تكن تنقضى عجائبه، وبالتالى، فالقذافى الأديب كان امتدادًا للقذافى السياسى، الذي لما أصابه اليأس من العرب اتجه إلى القارة السمراء وأعلن نفسًا ملكًا لملوكها.

ولا تعرف ماذا بالضبط كان يقصد من وراء قصته التي أعطاها ذلك العنوان الغريب؟.. فهو يتكلم فيها عن شخصية المسحراتى، وعن الخيال الذي كانت تغذيه لدى الأطفال، ثم عن جولات المسحراتى وهو يطوف بين الشوارع في أنحاء المدينة.. وفى الريف كان المسحراتى يطرق أبواب البيوت بالعصا في يده، وكان ينادى على أصاحبها بأسمائهم، لعلهم يستيقظون ويلحقون بطعام السحور.

ومن عنوان القصة نفهم أن القذافى لا يقصد المسحراتى الذي نعرفه في شهر الصيام، حتى ولو كان يتحدث عنه في قصته، ففى الأدب عمومًا أشياء غير مباشرة لا يقولها الكاتب صراحةً، ولكن يتركها لخيال القارئ وفطنته، وكلما غرقت القصة في المعانى غير المباشرة، كانت في تقدير نقاد الأدب قصة من الطراز العالى.

وقد عاش القذافى نفسه وهو أقرب ما يكون إلى شخصية المسحراتى بين العرب، وكان يراهم بعيدين عن إدراك ما يجب أن يدركوه من مخاطر حولهم، وكان كلما راح يلفت انتباههم اتهموه بما يشبه الجنون، ولكنه لم يكن مجنونًا بالطبع، وربما كانت الطريقة التي عاش يتصرف بها هي التي خلقت انطباعات متباينة عنه.. وإذا كان قد كتب عن المسحراتى ظُهرًا، فكأنه كان يكتب عن نفسه وعن مهمته بين العرب، لولا أن القدر لم يمهله ليكمل المهمة التي رأى نفسه أهلًا لها.

 

arabstoday

GMT 03:59 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ألمانيا تنزلق

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

حزب الله انتهى... إلا إذا

GMT 03:52 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

هل سيدمر ترمب أميركا؟

GMT 03:50 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

التغريد المأمول في السرب العربي

GMT 03:47 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

دروس أردنية في واشنطن

GMT 03:43 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ماذا لو كان «حزب الله» خارج لبنان؟

GMT 03:40 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ليبيا... المبعوث العاشر وما زال الوفاق بعيداً!

GMT 03:37 2025 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

ترمب وتحالف «بريكس»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسحراتى العقيد المسحراتى العقيد



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:28 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

أستراليا تفرض غرامة مالية على تليغرام

GMT 11:07 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

جنازة حسن نصرالله

GMT 00:41 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

واتساب يحظر 8.4 مليون حساب في شهر واحد

GMT 11:27 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

وسمٌ سعودي على التاريخ

GMT 18:43 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

ياسر جلال يعلن رأيه في عمل جزء ثالث من "جودر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab