بقلم: سليمان جودة
كل الوفود الأجنبية التى تزاحمت وتتزاحم على زيارة دمشق بعد سقوط بشار الأسد، كانت تفعل ذلك لمقابلة أحمد الشرع والتقاط الصور معه فى القصر.. ولكنها كلها كوم، بينما الوفد الأمريكى كوم آخر لأنه جاء يحمل هدية للرجل الذى يجلس مكان الأسد!.
وكانت وفود ألمانية وفرنسية وبريطانية قد سبقت الوفد الأمريكى الذى جاء برئاسة بربارا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، كما كانت وفود أخرى قد جاءت بعد وفد بربارا.. ولكن الشىء الجامع بين الوفود الغربية جميعًا أنها كانت تطلب تقليص الوجود الروسى فى سوريا ليتسع المكان لنفوذها هى ووجودها هى!.
ولكن الوفد الأمريكى كان يختلف عن كل هذه الوفود لأنه حتى ولو كان قد جاء يطلب من السلطة السورية الجديدة كذا وكذا، أو يدعوها إلى كذا وكذا، فإنه جاء يحمل شيئًا لا تحمله الوفود الأخرى، وكان هذا الشىء هو إلغاء المكافأة التى كانت الولايات المتحدة قد أعلنتها لمَن يدلى بمعلومات تؤدى إلى ضبط الشرع!.
كان الشرع وقت رصد المكافأة معروفًا بأنه «أبومحمد الجولانى»، وكانت قيمة المكافأة المرصودة عشرة ملايين دولار، وكان ذلك وقت أن كان هو يتنقل بين تنظيمات جهادية وإسلامية، ولم يكن أحد يعرف شكله ولا ملامح وجهه.
وعلى مدى الفترة من يوم ٨ ديسمبر الذى شهد سقوط الأسد إلى يوم مجىء بربارا، كانت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن تلاعب الشرع وتغازله، فكانت تعلن يومًا بعد يوم أنها تنظر فى حكاية العشرة ملايين دولار.
وكانت القصة على بعضها من أغرب ما يمكن، وإلا، فهل هناك ما هو أغرب من أن تتكلم واشنطن عن النظر فى العشرة ملايين دولار، بينما الشخص الذى رصدت هى المكافأة لمَن يدلى بمعلومات عنه جالس فى القصر الرئاسى فى دمشق يستقبل وفدًا بعد وفد؟.. هل مرّ علينا شىء شبيه بهذا من قبل؟.
لا أعرف ما حقيقة مشاعر الشرع عندما أبلغته بربارا بما جاءت تحمله إليه، ولا أعرف ماذا جاءت تطلب فى المقابل.. فليس من الممكن أن تحمل إليه هدية كهذه بالمجان، ولا من الجائز أن تطير فوق الأطلنطى والمتوسط لتضع أمامه شيئًا كهذا بلا ثمن.. والثمن بالطبع سياسى يعرفه الشرع، ويعرفه الأمريكيون، ويعرفه كل الذين يتابعون الحاصل فى أرض الشام.. ولكن ما أعرفه أن على أحمد الشرع أن ينتبه إلى أن الأسد أرضى كل الأطراف إلا الشعب السورى، فلم ينفعه أى طرف، وتخلى عنه الشعب.